كان واضحا منذ الايام الاولى لتشكيل التحالف الدولي العريض الذي تقوده الولايات المتحدة للحرب ضد تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" او "داعش" ان تركيا فضلت التريث في الانضمام اليه بشكل عملي لمعرفة آفاق الحرب ضد "داعش" واهدافها البعيدة بصرف النظر عن الموقف من التنظيم وارتكاباته الوحشية في العراق وسوريا. وكان موقف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المعلن يطرح اسئلة على الاميركيين تتجاوز الاطار التقني: ما هو افق الحرب ضد "داعش" في سوريا؟ وهل ما ينطبق على العراق بالنسبة الى ازاحة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي واستبداله بحيدر العبادي المقبول من معظم الاطياف العراقية، يمكن ان ينطبق على سوريا لجهة دعم المعارضة المعتدلة، اكثر من ذلك لم يخف الرئيس التركي في الاسابيع القليلة الماضية اصراره على مواجهة موجات النزوح من سوريا والعراق عبر انتزاع موافقة التحالف الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة على اقامة شريط حدودي آمن من البر والجو.
وفي افتتاح المؤتمر الاقليمي الذي ينظمة منتدى الاقتصاد العالمي" "World Economic Forum" كل عامين في اسطنبول، اعاد اردوغان أمس التشديد على موقف تركيا المشروط للمشاركة العملية في حرب التحالف الدولي ضد "داعش"، وعدد في كلمة الافتتاح التي القاها امام حشد سياسي واقتصادي ضم اكثر من خمسمئة مسؤول حكومي واقتصادي واكاديمي من المنطقة وصولا الى وسط آسيا، الخطوات المتلازمة التي ينبغي اتخاذها من اجل تحقيق الانتصار في الحرب على الارهاب، وهي: اقامة منطقة عازلة مع حظر الطيران فوقها على الحدود مع سوريا لاستضافة اللاجئين وحمايتهم على ارضهم، وتدريب المعارضة السورية المعتدلة وتسليحها، واخيرا دفع نظام بشار الاسد الى القبول بالحل الانتقالي وفق ما نصت عليه وثيقة"جنيف١".
و في دردشة لاحقة مع عدد من رجال الاعمال والمسؤولين الحكوميين، وقف الرئيس التركي ليعيد على مسامعهم الكلام نفسه، وذهب الى ابعد من ذلك قائلا انه على يقين من ان التحالف الدولي سوف يتبنى نظرته بالنسبة الى سوريا، اذ ان الملف اكثر تعقيدا، وان الحرب ضد "داعش" لا يمكن ان تنجح من دون مشاركة فعالة من جانب تركيا، فضلا عن ان الساحة السورية لا تحتمل حربا يشنها المجتمع الدولي تؤدي بنتائجها الى اعادة تأهيل نظام بشار الاسد. وبدا اردوغان واثقا بان موقف الاميركيين اقترب كثيرا من الموقف التركي ومعه الدول العربية الداعمة للثورة السورية. فهل تكون اقامة المنطقة العازلة في الشمال بداية انخراط تركيا عسكريا، وعامل تسريع في فرض "جنيف-٢" من جديد، وخلاصته قيام حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة تنهي نظام بشار الاسد رسميا؟
فلنراقب الحدود التركية - السورية!