نفذ القضاء في مدينة بندر عباس الإيرانية حكم الجلد بحق مواطن، نشر إشاعة في المواقع الإلكترونية تفيد بأن هناك شبيحة تغتال المواطنين ليلا من دون أن يعثر الدرك عليها.
اعتقل هذا المواطن قبل خمسة أشهر بتهمة بث الإشاعة التي أدت إلى تضليل الرأي العام، وبث الرعب في قلوب المواطنين، وفق و من قبل القضاء الإيراني، وتم تنفيذ الحكم - أي 74 جلدة- بحقه يوم الأربعاء الماضي، بينما الرأي العام نسى الموضوع جملة وتفصيلاً.
هل يستحق بث إشاعة عقوبة غليظة، تذكّرنا بعقوبات داعش في المناطق المحتلة السورية والعراقية على ترك صلاة الجمعة والجماعة وشرب الدخان وما إلى ذلك؟ أم أن تنفيذ عقوبة داعشية بهذا النمط، ليس هو المقصود أساساً، بل هناك أسباب أخرى يتعلق بالسياسة؟
هل هناك مصلحة إلزامية لتنفيذ هذه العقوبة التي تخيف الرأي العام أكثر من أنها تطمئنه وتدب الرعب في قلوب المواطنين وتُظهر مدى هشاشة الحقوق المواطنية وحرية الإعلام، في هذه الفترة، أي في نفس الوقت الذي يُعدّ الرئيس الإيراني، نص خطابه في الأمم المتحدة أويستعد للذهاب إلى مؤتمر صحافي ليرد على أسئلة الصحافيين المحرجة حول الملف النووي وملف حقوق الإنسان وحرية الإعلام؟
هل يريد القضاء، تقديم الدعم للرئيس الإيراني في معاركه الدبلوماسية الصعبة وتزويده بذخائر خصبة ونماذج راقية من الحضارة الإيرانية الإسلامية؟
يمكن القول إن المحافظين المتشددين في إيران، والذين يسيطرون على القضاء، يرسلون رسالة للعالم عبر تنفيذ هكذا عقوبة، بأن لا يكترثوا كثيرا لما يعد به الرئيس روحاني خلال خطاباته في نيويورك أو يقررمن تحسين أو تحسن احترام حقوق الإنسان بعد وصوله الى سدة الحكم. إن المحافظين المتشددين يريدون أن يقولوا للعالم، إنهم موجودون بعد، وإنهم من فئة داعش وإن بدرجات خفيفة، والفرق بينهم وبين داعش هو نفس الفرق بين تخصيب اليورانيوم بمستوى 20 في المائة و5 في المائة، إلا أن هنا يعود الفضل لداعش الذي تجاوز جميع المستويات حيث وصل إلى الذبح، أما إخوتهم في القضاء الإيراني يكتفون بالجلد، ليس طمأنة للرأي العام الإيراني، بل تخويفا للرأي العام العالمي، وإحباط محاولات روحاني التجميلية، بالفشل.
أصبحت داعش ماركة عابر القارات والمذاهب، كما عابر السلطات فمنها تنفيذية ومنها قضائي ومنها عسكرية ومنها ثقافية ومنها عربي ومنها أروربية ومنها فارسية، كما أصبح منهجا للتطبيق الحرفي لقوانين الشريعة، يقرف منه أي ضمير حرّ.
العجب ليس من القضاء الإيراني التي تقوم بتنفيذ هكذا عقوبة داعشية، بل العجب كل العجب من ثلة من المواطنين، وقفوا أمام منصة الجلد، وتفرجوا ولم يهتفوا بشعار الموت للفكر الداعشي.