ليس في الأمر مزحة، ولا محاولة لإطلاق فيل جديد في سماء العراق، ولا هو شطحة من شطحات (أنيس منصور) في كتابه (الذين هبطوا من السماء)، والذي يُعد من أشهر المؤلفات الخيالية في مجال ما وراء الطبيعة، فالمخلوقات الفضائيات، والجنود الأشباح والوهميون والضبابيون يمثلون اليوم ظاهرة حقيقية تكاد تكون مرئية في معظم معسكراتنا العراقية.
فالفضائيون هم مواطنون عاديون التحقوا في صفوف القوات المسلحة، لكنهم غير مشمولين بضوابط المهمات القتالية، ويكاد يكون ارتباطهم بها من باب التمويه والغش الإداري والالتفاف على الحسابات المالية.
تسري هذه الصفة الفضائية على المسجلين شكلياً في كشوفات الجيش والشرطة، والذين يدفعون أنصاف رواتبهم الشهرية للقادة المتسترين عليهم مقابل إعفائهم من أداء الواجبات العسكرية. ما أدى إلى إضعاف مؤسساتنا، وتراكم الأعباء القتالية الثقيلة فوق رؤوس الملتزمين والمنضبطين من أولاد الخايبة، فدفعوا ثمن اختفاء الجنود الفضائيين خلف سواتر الفساد، الذي صار ينخر هياكل التشكيلات المسلحة من زوايا مخزية.
ربما يكون تعداد الجيش والشرطة العراقية هو الأكبر، وربما تكون ميزانيتها هي الأعلى بالمقارنة مع التشكيلات المماثلة لها في عموم البلدان العربية، وربما أصبح بعض كبار الضباط في تشكيلاتنا هم الأغنى والأكثر بذخاً وثراءً، لا بسبب رواتبهم الشهرية الفلكية، وإنما بسبب الموارد المالية المتأتية من الجنود الفضائيين، أو من العوائد المتحققة من بيع حصة من وقود التشغيل، أو من النسب المتحققة من عقود الإعاشة، أو من إيرادات نقاط التفتيش في الطرق الخارجية، أو من التورط في عمليات التهريب، أو من مدفوعات الموقوفين المشتبه بهم، أو من عمولات عقود البناء والتجهيز.
https://www.youtube.com/watch?v=O4fdYDyc0eQ
هنالك مؤشرات كثيرة تؤكد على أن المخلوقات الفضائية تسللت إلى الكتائب المتخصصة بحماية المسؤولين، لذا من المفيد أن نعيد إلى الأذهان المقترح الذي تقدم به وزير النقل السابق الأستاذ عامر عبد الجبار، والذي يقضي بمنع صرف رواتب عناصر الحماية لجميع المسؤولين بوكالة كاتب عدل، وإلزام عناصر الحماية باستلام رواتبهم بأنفسهم على غرار السياق الصحيح الذي تبناه الوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة، بهدف كشف تسلل المخلوقات الفضائية إلى مكاتب كبر المسؤولين.
واستكمالا لما تقدم ينبغي سحب جوازات السفر من ضباط الجيش والشرطة ولكافة الرتب العسكرية حتى لا تكون من وسائل التحليق في الفضاءات البعيدة، وأن لا يُمنح جواز السفر لحامله إلا إذا كان مشمولا بالإيفاد خارج البلد، شريطة أن يُعاد إلى وزارة الدفاع أو الداخلية بعد العودة إلى أرض الوطن.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين