مع كل الصورة التي تبدو ضبابية في المشهد الاقليمي سيما وان الحدث ونقيضه يبرزان في ذات الوقت ,الا ان التفاهم السعودي الايراني سلك الطريق الذي سيؤدي الى تحقيق تقارب بين الدولتين الاقليميتين في خطوة واضحة لاعادة صياغة تحالفات جديدة بعد الشعور بالخطر الداهم الآتي من دولة الخلافة التي اعلنها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام /داعش / .
فمع كل النقاط الخلافية بين السعودية وايران والمتراكمة منذ عشرات السنين والتي كانت تصل في بعض الاحيان الى وتيرة عالية من التصعيد والعداء , الا ان الظهور المفاجيء لتنظيم داعش واعلانه الخلافة الاسلامية على مساحة واسعة من الاراضي المشتركة بين العراق وسورية تمكن من الاستيلاء عليها في فترة زمنية قياسية ,والامكانيات المادية الضخمة التي يمتلكها والمخزون العسكري الهائل من معدات وذخائر واسلحة متطورة وغيرها مضافا اليها العقيدة القتالية التي يؤمن بها افراد هذا التنظيم التي تقوم على تكفير كافة بني البشر لأي دين او طائفة او مذهب انتموا ,كل هذا جعل من هذا الشر المستطير يتراءى امام اعين حكام دول المنطقة المحيطة بما اطلق عليه بدولة الخلافة وخصوصا الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية التي يحرص ملكها على المحافظة على تراث ديني نشأ مع نشأة النظام الملكي في السعودية والذي يعطي الشرعية الدينية لأسرة آل سعود الحاكمة وهي ان الملك هو خادم الحرمين الشريفين (( مكة المكرمة ــ المدينة المنورة)) .
وكذلك الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعتمد التشريع الاسلامي مصدرا لسلطاتها واحكامها , الامر الذي دفع بهذه الدول الى القفز فوق خلافاتها الجانبية مهما كانت شائكة ومعقدة وتوحيد جهودها بما تسمح به الامكانات السياسية والظرفية للوقوف في وجه تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الارهابية ومحاربتهم للتمكن من ازالة خطرهم .
من هنا يأتي التقارب السعودي الايراني والذي بدأ بشكل جدي الشهر الماضي في لقاء جدة الذي جمع مساعد وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان مع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في مكتب الاخير .
وفي السياق عينه جاء لقاء وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مع نظيره السعودي سعود الفيصل يوم امس الاول في مبنى الامم المتحدة في نيويورك والذي جاء على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة والذي يعتبر اللقاء الاول الذي يجمع وزيري خارجية البلدين .
ومن الطبيعي ان يكون لهذا التقارب السعودي الايراني انعكاسات ايجابية على دول المنطقة ومن بينها لبنان وخصوصا بعد تصريح الوزير الايراني محمد جواد ظريف في ختام اللقاء عندما قال (( انها صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين , وانه ينبغي تفادي الاخطاء السابقة لمواجهتها بنجاح , ونأمل ان تكون لهذه الصفحة اثار ايجابية لأحلال السلام والامن في المنطقة والعالم )) .
وهذا يحمل على الاعتقاد ان في الامر بشائر , ومن الطبيعي ان يكون حق لبنان محفوظ في هذا التقارب وله حصة من هذه البشائر , وبشارته السارة هي ازالة العراقيل عن طريق قصر بعبدا , فعملية انقاذ لبنان تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية .
طانيوس علي وهبي