ان مهمة التحالف الدولي والذي يضم اربعين دولة اجنبية وعربية لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام / داعش / واخواتها من الجماعات الارهابية ومن ثم القضاء عليها لن تكون سهلة في سوريا كما هي في العراق .
ففي العراق فان التحالف والذي تقوده الادارة الاميركية فهناك تنسيق واضح بينه وبين الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي , وما كان للولايات المتحدة الاميركية ان تتولى القيام بضربات جوية مستهدفة مواقع عسكرية واماكن بشرية لداعش قبل ان تزيح نوري المالكي عن رئاسة الحكومة والاتيان بالعبادي على رأس حكومة جديدة تم تشكيلها مؤخرا لتكون اكثر انسجاما مع الواقع الاقليمي والدولي بخلاف حكومة المالكي . مما يعني ان للتحالف الدولي في العراق مهمة مزدوجة . فمن ناحية يتولى التحالف تدعيم الجيش العراقي بالمعدات العسكرية والذخائر وغيرها من انواع الاسلحة التي يحتاجها للقيام بمهمات محاربة داعش في الحرب البرية ,ومن ناحية ثانية فانه يتولى ضرب مواقع هذا التنظيم من الجو لاضعافه وتسهيل مهمة الجيش العراقي بالزحف لاحتلال المناطق التي يسيطر عليها .
اما في سورية فان الامر مختلف وقد يكون اكثر تعقيدا من ذلك , اذ ان المجتمع الدولي يرى في النظام السوري برئاسة بشار الاسد على انه جزء من المشكلة وليس جزء من الحل وتتهمه بانه هو , بشكل او بآخر , من ساهم في تنامي هذه الجماعات الارهابية عندما تعامل مع المعارضة السورية المطالبة باصلاح النظام وتصحيح الاوضاع في سوريا بالعنف والقمع والقتل والاجرام , وهذا يرتب على التحالف مهمة في سوريا تختلف عن مهمته في العراق , وهذه المهمة تقوم على مسألتين :
الاولى , يتولى السلاح الجوي لهذا التحالف القيام بطلعات جوية لضرب المواقع العسكرية لتنظيم داعش وتجمعاته البشرية بغية شل حركته والحد من قدرته القتالية واضعافه الى اقصى الحدود .
الثانية , تسليح وتدريب المعارضة السورية المعتدلة ضمن خطة واضحة, وبحسب تصريحات القيادات العسكرية الاميركية تشمل هذه الخطة تدريب قوة من خمسة الاف مقاتل وبالتالي تسليحها باسلحة متطورة وملائمة تتيح لها خوض معارك برية مع مقاتلي داعش وباقي الجماعات الارهابية كمقدمة للقضاء عليها .
ومع ان هناك ادراك اميركي بان هذا الرقم غير كاف لهزيمة داعش الذي لديه حوالي عشرين الف مقاتل في سورية , انما سيكون ضروريا لعمليات نوعية وتغيير التوازن على الارض . واما لجهة النظام السوري فان الرئيس الاميركي باراك اوباما يؤكد على ان واشنطن لن تنسق مع نظام بشار الاسد في هذه الحرب ,فانها ايضا ليست في وارد ضرب مواقع الاسد في هذه المرحلة وتراهن على نضج الظروف الداخلية في سوريا وتحسين قوة المعارضة لخروجه من السلطة .
وعليه فان واشنطن تراهن في المدى المنظور على ضربات جوية في سوريا تشل قوة تنظيم داعش في حلب ودير الزور وتؤذي حضوره في الرقة , اما في المدى المتوسط والبعيد فالرهان هو على اعادة تأهيل الثوار المعتدلين لتحسين مواقعهم في الشمال والجنوب , والتعويل على ان هذا الامر في حال نجاحه سيفرض على النظام او حليفه الروسي التنازل بشكل جدي في اي مفاوضات حول المرحلة الانتقالية تستند الى اطار جنيف 2 .
طانيوس علي وهبي