كان العلامة السيد هاني فحص رجلا وحيدا وفقيرا ولم يكن يملك ثروة مالية او جاها او سلطة او حزبا، وكانت ثروته فقط انحيازه لقضايا شعبه وعلمه وثقافته ومحبته للاخرين وقدرته على التواصل مع الجميع حتى من اختلف معهم، ولذلك نجح السيد هاني في ان يصبح له امتدادا لبنانيا وعربيا واسلاميا وعالميا، وكان سلاحه قلمه ومواقفه واراءه.
ومنذ بداياته النضالية وقف الى جانب الفقراء في الجنوب من فلاحين ومزارعين وعمال تبغ وعاش معهم وبينهم ، ثم انحاز الى القضية الفلسطينية وفلسطين وناضل من اجل تحرير فلسطين، ووقف بعد ذلك الى جانب الثورة الاسلامية في ايران ووصل بين فلسطين وايران بجهاده ونضاله، وكان مع المثقفين والادباء والكتاب والشعراء ناسجا معهم حلقات حوار وثقافة، وكنت تراه في كل منبر وحدوي او حواري ، وكان جريئا في نقد ذاته قبل ان ينتقد الاخرين، ولم يكن يخاف من الاسئلة والاشكالات وطرح الهموم رغم ما كلفه ذلك من اشكالات وتحديات.
ورغم نقده للبعض من اشخاص او احزاب او حركات فقد كان محبا وخلوقا ومتواضعا، وكل ذلك جعله جسرا بين التيارات والاحزاب والطوائف .
ورغم الاختلاف بالرأي معه احيانا حول بعض القضايا ،فان الانسان لا يستطيع الا ان يحبه ويحترمه ويقدره، وقد جمع تشييعه حشدا كبيرا من الاصدقاء والاحبة من كل التيارات والاتجاهات الاسلامية والعلمانية واليسارية ومن لبنان وفلسطين والعراق.
ومن اجل ان نستفيد من تجربته علينا ان نعيد دراسة الاسباب التي جعلته رغم فقره وضعفه اقوى من الاحزاب والحركات وقادرا على الوصول الى عقول وقلوب الاخرين.
ونحن اليوم باشد الحاجة الى امثاله من علماء الدين القادرين على تفكيك الاشكالات والرد على الاسئلة بمحبة وعقل كبير وقلب واسع.
فالاسلام اليوم والاديان بشكل عام تواجه اسئلة وتحديات في ظل انتشار التطرف وفشل بعض التجارب الاسلامية مما يجعلنا نحتاج لمن يحاور الاخرين ويرد على ما يطرحونه من اسئلة واشكالات.
وان تجربة السيد هاني فحص يمكن ان تشكل اليوم منارة لنا وللجميع للاستفادة منها كي نتعرف على عناصر قوة السيد هاني وقدراته والتي جعلته اقوى من الاحزاب والحركات وكأنه امة في رجل يتحرك في كل الاتجاهات.
فرحم الله السيد هاني ووفق الله كل محبيه وعائلته واصدقاءه والسائرين في خطه كي يتابعوا المسيرة ويساهموا في تعزيز الحوار والوحدة لان مستقبلنا يتوقف على وجود امثال هؤلاء الوحدويين والاحرار وحاملي راية التنوع والتعددية والقبول بالاخر.
قاسم قصير