إذا كان إقفال باب الترشح للإنتخابات النيابية أحيا الكلام على الصفقة التي يجري الاعداد لها منذ مدة في اتجاه التمديد الثاني للمجلس، فإن هذا الملف، وعلى رغم المساحة التي إحتلها أخيرا على الساحة السياسية والاعلامية، لم يحجب إستمرار الهواجس الامنية المرافقة لإستمرار خطف العسكريين اللبنانيين.
ففي حين خفت الحديث عما يمكن الحكومة اللبنانية أن تتوقعه على صعيد تحريك المياه الراكدة في ملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيمي "داعش" و"النصرة"، بعد الاعلان الرسمي عن دخول قطر وتركيا على خط الوساطة، بقي هذا الملف في صدارة الاهتمام السياسي، وإن تكن التوقعات في شأنه لا تزال مبكرة جدا في ظل عدم وجود أي ضمانات. وهو الامر الذي حدا رئيس الحكومة تمام سلام، كما المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم، على الاعتصام بالصمت والتحفظ خلال زيارتهما الاخيرة للدوحة، تفاديا لإشاعة أجواء من التفاؤل في غير محلها.
لا يعني هذا الكلام أن الصورة لا تزال قاتمة حيال مصير العسكريين. فالمفاوضات نجحت في وضع حد للتصفيات الجسدية، أقله في إنتظار التقدم خطوات اخرى على طريق تحرير العسكريين.
وعليه، يبدي إبرهيم تفاؤلا يعزوه إلى أنه متفائل بطبعه،حيال إمكان التوصل إلى تقدم. ويقول بعد عودته اول من أمس من الدوحة، أن المهمة صعبة والوقت الآن للزرع ولم يحن بعد وقت النتائج.
وفي الانتظار، يطفو ملف الاستحقاق النيابي من باب الصفقة الجاري العمل على بنودها من أجل تأمين عقد جلسة تشريعية تختصر بجدول أعمال محدد بالضرورات التي سبق التفاهم عليها بين الكتل الرئيسية، ويبدو انها سلكت طريقها الآن. وتأتي هذه الجلسة التشريعية ثمنا للسير بتمديد ولاية المجلس لمرة ثانية في إطار المقايضة التي لكل كتلة نيابية حساباتها فيها.
والكلام على تشريع الضرورات يلحظ بنودا محددة ومحصورة بالاجازة للحكومة إصدار الاوروبوند، وإقرار مشروع موازنة للسنة المقبلة بعد إنجاز قطع الحسابات العالقة للأعوام الماضية، وإنجاز ملف سلسلة الرتب والرواتب الذي عُلقت جلسة التشريع الاخيرة عند بعض بنوده (المتعلقة بالموارد لتغطية كلفتها)، وابقيت الجلسات التشريعية مفتوحة في إنتظار التوافق على مصادر تمويلها.
وعلم ان جلسة التشريع ستشمل الحسابات العالقة منذ 2005 تاريخ إقرار آخر موازنة، وقد أنجزت وزارة المال قطع هذه الحسابات (والتي جرى تعجيلها منذ اللقاء الاخير بين الرئيسين بري وسعد الحريري). ويبقى العمل جاريا على ملف السلسلة، بحيث يجري التفاهم على مصادر التمويل التي كانت موضع بحث في جلسة التشريع الاخيرة، واهمها بند زيادة الضريبة على القيمة المضافة في ظل تفاوت الآراء حيال نسبة الزيادة ( 1 أو 2 في المئة) أو عدمها بالمطلق. لكن اوساط عين التينة نفت أن تكون الامور بلغت هذه المرحلة المتقدمة، نافية وجود صفقة أو مقايضة، على قاعدة ان المقايضة يجب أن تتم على أمر مقابل أمر. وفي الحالة الراهنة ليس من أمر يُقايض عليه!
وفي إنتظار بلورة ملامح الجلسة التشريعية وموعدها، تساءل مرجع رسمي إذا كانت المقايضة التي يجري الحديث عنها تتم على التمديد مقابل التشريع أو على الرئاسة، متسائلا عن موقف المسيحيين من هذا الموضوع.
وعن القول أن التمديد يسهل الطريق ويعبدها أمام إنجاز الاستحقاق الرئاسي، قال المرجع ان العكس هو الصحيح، مشيرا إلى أن التمديد سيدخل البلاد في دوامة جديدة أخطر وأسوأ مما هي فيه الآن، بإعتبار ان التمديد سيقضي على أي فرصة متاحة امام اللبنانيين لإنتخاب رئيس جديد.
وإذ لفت إلى ان الاولوية تبقى معلقة على إنجاز هذا الاستحقاق نظرا إلى أهمية وجود رأس للدولة في الظروف السياسية والامنية الخطيرة التي تمر بها البلاد، أشار إلى ان هذا الملف بدأ يخسر بعضاً من زحمة، إذ تبدو الاولوية اليوم لحماية الاستقرار والسلم الاهلي.