لعل كلمة "مرحبا" هي كلمة متداولة كثيراً بين اللبنانيين، لكنهم في هذه الأيام اسبتدلوها بكلمة "كهربا" لأن الكهرباء في لبنان على أفضل ما يرام فهي " 24 على 24 في سائر المناطق اللبنانية دون استثناء"، لذا فإن اللبنانيين استبدلوا الترحيب بينهم بكلمة "كهربا"، فقد تكهربت أجسامهم وعقولهم لكثرة ما سمعوا هذه الأيام عن الكهرباء في لبنان.وإذا ما تجولنا في المناطق والقرى اللبنانية على امتداد الوطن، نجد أن أصوات المولدات الكهربائية تملأ أجواءنا بموسيقاها الراقية الناعمةالتي يأنس لها أصحاب المحلات التجارية وغيرها...
حقاً إن الكهرباء في لبنان نُحسَد عليها لذا نجد وجوه أصحاب المولدات ضاحكة مستبشرة وهي تدعو الله نهاراً وليلاً أن تسوء هذا المشكلة ليستمر هؤلاء في ابتزاز اللبنانيين والشعب الفقير وتتواصل معها الصفقات الكبرى بين أصحاب المولدات والمسؤولين اللبنانيين المعنيين في أمور الطاقة وتوليدها...
إنَه بلد العجائب لبنان، فمنذ ان وضعت الحرب الأهلية أوزارها عام 1992 وفق اتفاق الطائف والمسؤولون في لبنان "يعملون ويجهدون ويكدون" لتكون الكهرباء 24 على 24 وما زال اللبنانيون يعانون كل يوم من مشكلة الكهرباء والمسؤولوون يرمون بهذه المشكلة على بعضهم البعض... ولبنان اليوم مهدد بأن يغرق في الظلام والكهرباء صارت على لسان كل لبناني: "متى تحل هذه المشكلة المستعصية؟".
كم تشبه مشكلة الكهرباء في لبنان، "شنطة السمسونايت" في مسلسل وادي المسك لدريد لحام عندما جاء الى الوادي يريد ان يتزعم على أهله ووعدهم "بشنطة سمسونايت" مليئة بالأموال تغير أحوالهم.... وانتهى المسلسل ولم تصل هذه الشنطة... ونحن في لبنان قد نجتاز القرن الواحد والعشرين وتبقى مشلكة الكهرباء قائمة طالما أن هناك سماسرة وفساداً مستشرياً في شركة الكهرباء من رأسها الى أخمص قدميها...
أليس من المعيب أن يبقى هؤلاء المياومون مرميين في الطرقات يعتصمون ويضربون ولا مَن يسمعهم على مَن يعتمد المياوم في عيشه والى أين سيذهب إذا لم يتم توظيفه وإدخاله في الملاك الوظيفي. قد يخطىء هؤلاء المياومون في طريقة ردة فعلهم على ما يحاك لهم، لكن الخطيئة الكبرى في تقاعس المسؤولين عن حل هذه المشكلة ولو على طريقة "لا يموت الديب ولا يفنى الغنم". ويبدو أننا بتنا في بلدٍ تسوده شريعة الغاب، القوي هو المسيطر والمهيمن والحبل على الجرار....
أليس من المعيب ان تبقى مشكلة الكهرباء قائمة بل إلى تفاقم بعد مرور 22 عاماً على اتفاق الطائف وإنهاء الحرب الأهلية؟؟ وكيف يمكن لنا أن ندعو إخواننا المغتربين في الخارج للعودة الى لبنان من أجل الإستثمار ونحن على حافة الغرق في ظلام دامس؟ وللأسف نقول: بئس هكذا مسؤولين لا همّ لهم إلا التمديد وبقاءهم على كراسي الزعامة، وما همهم إنْ جاءت الكهرباء الى منزلك أيها المواطن أم انقطعت؟ فهو لا يدفع ضريبة ولا يشعر بهذه المشكلة لأنها لا تشكل عبئاً عليه طالما أنّه ميسور مالياً لتأمين مولّد بكاتم صوت لا يزعجه بل ينام مسترخياً على أكتاف الفقراء والمساكين في بلد العجائب لبنان...
نعم، يحق لكم أيها اللبنانيون أن تستبدلوا كلمة مرحبا بـــ "بكهربا" علَّ المسؤولون يسمعون، قبل ان تتحول هذه المشكلة الى طاعون يصعب الخلاص منه.