لبنان في وضع لا يحسد عليه والدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ موقف واضح من التحالف الدولي الذي يتم انشاؤه لمحاربة تنظيم داعش .
فالموقف السياسي منقسم بين فريقين وكل فريق يربط قراره بالموقف الاقليمي المنقسم اصلا حول قضايا مصيرية ومصالح استراتيجية .
فلبنان الذي شارك في مؤتمري جدة وباريس عبر وزير خارجيته جبران باسيل تسوده حالة من الارتباك حيال مشروع التحالف ولكنه ارتباك من نوع خاص له علاقة بتجاذبات داخلية وبالانقسام المتواصل منذ سنوات بين فريقي الصراع 8 و 14 آذار حول الكثير من القضايا والذي ظهر بأوضح اشكاله حيال الازمة السورية بين فريق مؤيد للنظام السوري وفريق آخر معارض للنظام ومؤيد للمعارضة , ويعود للظهور الآن في معرض التحالف الدولي المزمع انشاؤه والذي تعترض طريقه افخاخ كثيرة اولها الفخ السوري ,اذ ان توجيه ضربات لتنظيم داعش في سورية يمثل اشكالية قانونية وسياسية ويحتاج الى استصدار قرار من مجلس الامن في هذا الشأن .
اوساط حزب الله تتساءل هل من مصلحة لبنان ان يتورط في استراتيجية اميركية تدخله في هذا المحور الذي يرفع شعار اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد من بوابة التصدي لأرهاب داعش والذي يستبعد ايران وروسيا عنه والذي يعلن حربا انتقائية ضد الارهاب تراعي المصالح الاميركية في حين لا يمكن تجزئة الحرب على الارهاب التي يجب ان تكون شاملة ولا تقتصر على العراق , علما بأن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد حذر مؤخرا من التطرف الداعشي وقال يجب مواجهته بكل الطرق .
وفي المقابل يرى تيار المستقبل ان لبنان يجب ان ينخرط ضمن التحالف الدولي ضد داعش لأنه معني مباسرة بهذا الموضوع , وفي الحد الادنى فان مشاركة لبنان في التحالف الدولي يؤمن له مساعدة يستطيع من خلالها تسليح الجيش كي يقوم بكشف الخلايا النائمة لمنع الارهاب من التنقل وقد بدأ الجيش فعليا بكشف كل تلك الخلايا وكذلك حماية الحدود .
فلبنان الغارق في كم هائل من المشاكل والعاجز عن ايجاد حلول بالحد الادنى لهذه المشاكل والقاصر عن ترتيب ملفاته التي تساعده على تحصين الساحة الداخلية واهمها ملف انتخاب رئيس للجمهورية حتى يتمكن من مواجهة المشاكل الخارجية التي تلوح في الافق والتي تهدد امنه واستقراره فانه بالتأكيد لن يستطيع تأمين توافق يجمع بين كافة مكوناته السياسية والحزبية لمواجهة خطر الارهاب , فتورط حزب الله في الحرب السورية الى جانب النظام يساهم في تعقيد دور لبنان في القتال ضد تنظيم داعش .
واذا كان حزب الله حاول تلميع صورته كفريق سياسي ضد التطرف , لكنه في هذه المرحلة فان سمعته مشوهة لأنه ظهر وكأنه مجموعة شيعية تعمل بالوكالة وتنفذ مصالح ايران .
طانيوس علي وهبي