لم يكن عدم دعوة إيران إلى التحالف الدولي في الحرب ضد داعش ليثير سخط المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله خامنئي قدر ما أثار تصريح وزير الخارجية الأميركي جان كيري حفيظته ودفعه بالرد المباشر الفضائحي عليه وعدم ترك مهمة الرد على كلامه المهين للرئيس ولا للوزير الخارجية رغم أن كلام وزير الخارجية الأميركي ينبغي أن يُرد من قبل نظيره ولا أكثر.
فلهذا كشف في كلماته لدى الخروج من المستشفى، زوايا من ملابسات العلاقات الإيرانية الأميركية في ما يتعلق بحرب داعش والتحالف الدولي ضد هذا التنظيم.
صرح خامنئي : منذ الأيام الأولى طلبت الولايات المتحدة من خلال سفيرها في العراق تعاونا إيران ضد داعش. ورفضت لأنّ أيديهم ملطخة، مضيفاً أنّ "وزير الخارجيّة الأميركي وجه أيضاً طلباً إلى (نظيره الايراني) محمد جواد ظريف ورفض" وحتى تلك الإبنة[ مساعد وزير الخارجية الأميركي] طالبت من السيد عراقجي التعاون في الحرب مع داعش ولكنه رفض. فإنهم يكذبون عند ما يقولون بأننا لا نُدخل إيران في التحالف الدولي في الحرب مع داعش.
يرى خامنئي أن الأميركيين ليس نديهم نوايا حسنة في الحرب مع داعش وفسر كلامه بأن أيدي الأميركيين ملطخة، بأن نواياهم، وسخة وغير سليمة.
والسر في ذلك يكمن في أن خامنئي يرى أنّ الولايات المتحدة كانت تبحث "عن ذريعة لتفعل في العراق وسوريا ما تفعله في باكستان، أي قصف المواقع التي تريد من دون إذن من الحكومة الباكستانية، رغم أن هناك حكومة مثبتة وجيش قوي.
يرى خامنئي أن الأميركيين يعرفون كما داعش تعرف بأن الذي قصم ظهر داعش في العراق هو الجيش والشعب العراقي الذي تعلم كيفية مواجهة داعش، من دون أن يشير إلى جهة التي علّمت أسلوب المواجهة للجيش والشعب العراقيين.
قدم خامنئي نصيحة ممزوجة بالتهديد للأميركيين عند ما أكد لهم بأنهم لو يريدون أن يطبقوا في العراق ما طبقوا في الباكستان، سيواجهون ما واجهوها خلال السنين العشرة الماضية أي بعد احتلال العراق حتى عشية الخروج.
ولم يكتف المرشد الأعلى الإيراني بفضح جان كيري و أظهر أوج سخطه منه، عند ما أنهى كلامه بالمسك قائلا: إن تصريحات الأميركيين كانت تشكل مادة للإستلهاء له على سرير المستشفى.
ويبدو أن الحق مع المرشد الأعلى إذا ما لوحظ أن الرئيس العراقي فؤاد معصوم يصرح من باريس، إن الإيرانيين قدموا كل الدعم العسكري والأمني للعراق بعد ما تعرض بهجوم داعش. مما يعني أن لا تعويض عن جارته التي يجهد وزير الخارجية الأميركي تجاهل دوره في الحرب مع داعش.
يبدو أن الأميركيين لم يتعلموا درسا من الماضي في كيفية الحديث عن إيران ولا يعرفون شيئا عن الذكاء الإيراني. نعم الإيرانيون تعاونوا مع الأميركيين في أفغانستان وفي العراق، ليس من أجل عيون الأميركيين، بل لأن إيران كانت لديها مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة، فيهما، ولكن اليوم يبدو أن الوضع مختلف حيث بات خطر داعش يهدد الغرب ولا إيران، وهذه مشكلتهم وليست مشكلة إيران، فضلا عن الأميركيين أظهروا بعد احتلال أفغانستان، أنهم غير قابلين للثقة، حيث أنهم القضاء على حكومة طالبان، وضعوا إيران على قائمة محور الشر، فما ذا يتوقعون اليوم من إيران التي لم تذق بعد حلاوة الثقة بها في الملف النووي. فمن حق إيران أن تتريث وترى حسن النوايا الأميركية في القضية النووية، ثم ترى ما ذا بإمكانها أن تفعل في التنسيق مع الولايات المتحدة، وقبل ذلك تعمل إيران ما ينبغي عليها أن تعمل في مواجهة داعش وحماية العراق، بضوء خافت ولكنها حريصة على حماية العراق من داعش ومن الأميركيين الذين بدأوا يعودون إلى العراق من النافذة بعد ما أرغموا بالخروج منها عبر الباب وفق الرؤية الإيرانية.
إن إيران لن تقبل بوجود أي قوة أجنبية على الأراضي العراقية وهذا درس يجب أن يتعلمه الأميركيون، بعد ما تعلموا أسلوب الحديث عن إيران