معاناة النازحين السوريين

(( تنظيم داعش يأكل الحصرم والعمال السوريين يضرسون ))    النازحون السوريون والذين يقارب عددهم حسب تقديرات غير رسمية ثلث سكان لبنان والمنتشرين على كافة اراضيه من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة بيروت والجبل والبقاع ,فانهم يعيشون بين دائرة الاستهداف ودائرة الانتقام من بعض اللبنانيين الجهلة الذين يحملون موروثا كبيرا من الحقد والتخلف , وخصوصا بعد احداث عرسال وخطف العسكريين . فلم تشفع لهؤلاء النازحين معاناتهم وحياتهم البائسة وتهجيرهم من بلادهم وبيوتهم وفقرهم وحالة العوز التي يعيشونها ,وحتى الانتماء الطائفي والمذهبي للبعض منهم والذي كان موضع ترحيب لهم في بعض المناطق اللبنانية ذات الاغلبية من نفس الانتماء ,فلم يعد كذلك اليوم سيما بعد اقدام الجماعات الارهابية من تنظيم داعش على ذبح الجنديين علي السيد وعباس مدلج والطريقة البشعة في القتل الي ظهرت في الصور التي تم نشرها على وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها . فكل النازحين السوريين متهمون حتى تثبت براءتهم .    صحيح ان بعض هولاء السوريين ثبت تورطه بالانتماء الى الجماعات الارهابية /داعش والنصرة/وغيرها وممن يمتلك سلاح غير شرعي وصحيح ايضا ان البعض منهم اقدم على ارتكاب جرائم قتل وسرقة واغتصاب وسلب بقوة السلاح والتعدي على املاك خاصة وعامة والاتجار بالمخدرات وغيرها . وصحيح ايضا ان وجودهم في لبنان زاد من المعاناة اليومية التي يعيشونها اللبنانيين اصلا , وصحيح ان قضيتهم قد تتحول الى قنبلة اجتماعية وامنية موقوتة قد تنفجر في اي لحظة . الا ان الصحيح ايضا وايضا ان هؤلاء النازحين والذين قارب عددهم اكثر من مليون ونصف المليون سوري ليسوا كلهم مسؤولين عما يتعرض له اللبنانيين من معاناة , ولا يجوز تحميل كل هؤلاء وزر بضع عشرات منهم ممن اساء الى كرم الضيافة وخان الخبز والملح واستغل وجوده في لبنان وانتمى الى الجماعات الارهابية وارتكب جرائم ومخالفات مخلة بالامن والنظام العام . فليس كلهم دواعش ولا يجوز تحميلهم كلهم مسؤولية الوضع الشاذ الذي يعيشه لبنان واللبنانيين بشكل خاص والمنطقة العربية بشكل عام .     فاذا كانت الظروف المحيطة بالحروب العبثية التي تدور رحاها على كافة الاراضي السورية وادت الى هذا الكم الهائل من القتل والتدمير والخراب وتشكيل عصابات سلب وسرقة ونهب تستهدف الامنين منهم في مدنهم وقراهم وتؤدي الى ترويعهم , قد فرضت على هؤلاء السوريين  النزوح والتهجير من بيوتهم باتجاه البلد القريب والشقيق لبنان طلبا للامن والامان , فأن مسؤولية ايجاد اماكن آمنة لهم ومخيمات يعيشون فيها بحيث يسهل الاشراف عليهم معيشيا ومراقبتهم امنيا فانها تقع على عاتق الدولة اللبنانية بشكل اساسي وعلى المنظمات الدولية وعلى المجتمع المدني بشكل عام .     فهناك تقصير من الدولة اللبنانية بكافة اجهزتها وتقصير من الحكومات العربية وحتى من دول العالم كله بحق هؤلاء النازحين .     فالعامل السوري النازح ورب الاسرة الكادح الذي يبحث عن عمل يؤمن له قوته وقوت عياله بعرق جبينه , لايجوز استغلال ضعفه وفرض خوات عليه وامتهان كرامته والتعدي عليه بالشتم والسباب والضرب لسبب وبدون سبب وكذلك من المعيب شراء اعراض بعض النساء المعدمات منهم بحفنة من الليرات . فالرجل الشهم وكريم الاخلاق هو من يحافظ على انسانية الانسان وعلى حرمة وكرامة هذا النازح الغريب التي شاءت الاقدار ان يتهجر وينزح من دياره وبلده وبيته , فلا يجوز ظلمه مرتين مرة بترك بيته ومرة لانه مكسور الجناح , وعلينا دائما ان نتذكر قول امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام ) :   / الدهر يومان يوم لك ويوم عليك / وكذلك قوله / الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق .                                     طانيوس علي وهبي