((ان تأتي متأخرا خير من ان لا تأتي ابدا ))
فالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية ويضم اربعين دولة من ضمنها عدد كبير من دول منطقة الشرق الاوسط للقضاء على ما اطلق عليه الدولة الاسلامية في العراق والشام / داعش / وكافة الجماعات الارهابية التي انتشرت بسرعة قياسية وبشكل واسع في غير بلد من بلدان الربيع الربيع ,فهذا التحالف وان جاء متأخرا لأكثر من سنتين على الاقل فانه افضل بكثير من التغاضي عن انتشار هذا الفكر التكفيري والارهابي وتركه يستقطب عشرات الألاف من الشباب الضائع والتائه بين اهمال الانظمة وتردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية التي تزيد من جيش العاطلين عن العمل , واتخاذ موقف المتفرج على هؤلاء وهم يوسعون دائرة انتشارهم مستخدمين اقسى وابشع انواع الممارسات بحق السكان الاصليين المقيمين في المناطق حيث تطأ اقدامهم الى ان اعلن زعيمهم ابوبكر البغدادي عن قيام خلافة اسلامية مزعومة في منطقة مشتركة بين سوريا والعراق .
فالولايات المتحدة الاميركية اقتنعت اخيرا بالحاجة الملحة والضرورة القصوى لمحاربة الارهاب من خلال استراتيجية شاملة وليس فقط من خلال معركة وقتية ومختارة , وبدأت فعليا الخطوة الحقيقية لحرب طويلة ضد الارهاب , حرب لن تستكين فيها الجماعات الارهابية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا حتى يتم القضاء على مكامن القوة لهذه الجماعات وتجفيف منابع تمويلها المالي وقطع وسائل امدادها العسكرية واللوجستية ومن ثم تدمير مراكزها الامنية واماكن تجمعاتها ليتم شل حركتها على الارض للتوصل الى مرحلة القضاء على معظم قدرتها القتالية ان لم نقل القضاء عليها نهائيا .
فلو ان واشنطن خطت هذه الخطوة مبكرا وقبل عامين فقط لما تمكنت داعش من التمدد في سوريا واضعاف المعارضة السورية المعتدلة بالسيطرة على مناطقها ولما احتلت ثلث العراق ولما روعت الامنين والاقليات ولما استطاعت ان تهجر المسيحيين والايزيديين والشبك ولما قتلت الصحافيين الاميركيين ولما خاضت معركة عرسال في لبنان واختطفت عشرات العسكريين ولما اقدمت على ذبح اثنين منهم , فلو ان واشنطن اقدمت على التأسيس لهذا التحالف في وقت مبكر لما تراوح عدد مقاتلي داعش في سوريا والعراق ما بين عشرين الفا الى واحد وثلاثين الف وخمسماية مقاتل وفق وكالة الاستخبارات الاميركية . فلو تردد العالم اكثر كنا سنجد انفسنا بعد عام او عامين امام كارثة لا يمكن تصورها .
ايا تكن الاسباب الكامنة وراء التأخر في اقدام الادارة الاميركية على انشاء هذا التحالف الدولي لمحاربة داعش ,سواء اكان قصورا في عمل وكالة الاستخبارات الاميركية او امكانية تسخير هذه الجماعات الارهابية لمصالح ضيقة ,الا ان التردد الاميركي لم يعد مقبولا يل بات يثير الشكوك في مصداقية واشنطن وقدرتها على محاربة الارهاب .
لكنه اليوم ومع تشكيل هذا التحالف تبدو الفرصة الاخيرة لأن تحافظ الولايات المتحدة الاميركية على ماء وجهها وعلى هيبتها كأقوى دولة في العالم .
طانيوس علي وهبي