أول دولة أطلقت صفّارة الانذار ضدّ داعش كانت المملكة العربية السعودية عندما تبيّن لها الدور المشكوك به لجماعة مبتعدة عن النظام السوري بحيث لا تصطدم به ولا يصطدم بها تاركاً لها حرية الحركة في محافظات سورية محبوسة الأنفاس . وأثار المملكة أيضاً طريقة داعش في تأديب الشعب السوري عبر اقامة الحدّ عليه واستئثارها بالنفط حيث خضعت لحوزتها مضخات النفط السوري . حين التفتت المملكة الى سوء نية داعش في سورية كانت المعارضة " المعتدلة" قد اختفت ولم يبقى منها الا نخبة متصارعة على حصص غذائية في فندق من فنادق الثورة السورية . لذا لم تتمكن من مواجهة داعش في سورية الاً بحدود محافظة ادلب بحيث استطاعت النُصرة تصفية الريف من داعش أو التفاهم معها وبقوّة النفوذ على حصر وجود داعش في محافظة الرقّة .
اتضح للسعودية بأن داعش تعمل لمصلحة النظام السوري من خلال النتائج والتسامح القائم بين الجهتين اذ لا معارك بينهم , واتضح لها أن المعارضة المدعومة من قبل المملكة لا نفوذ لها داخل سورية أو أن لها قوى خجولة غير قادرة على لعب دور مركزي في الصراع السوري وفي اخراج داعش من مسرح الحرب . وزاد من مخاوف المملكة قدرات داعش المفاجئة في العراق حيث قامت باحتلال أرض عراقية ممتدة من الحدود السورية الى الحدود الايرانية في وضح النهار وعلى مرأى من الجيش العراقي والحكومة المالكية .
صحيح أن المملكة استفادت من خطوة داعش في العراق لأنها أوهنت خصمها الايراني وأسقطت رئيس حكومة تابع لها وأعادت خلط الأوراق في المنطقة بما يتناقض مع مصالح ايران . الاّ أنها أدركت خطورة الزحف الداعشي على المملكة المتحسّسة من الحركات الاسلامية وخاصة تلك المرتبطة بتنظيم القاعدة لسهولة التأثير الداعشي على الشعب السعودي وبالتالي تحول نوع من التعاطف السعودي مع داعش الى معارضة متطرفة تضع المملكة في دائرة الاستهداف المباشر. لهذا دفعت السعودية وبقوّة الى توفير تأييد دولي مندد بالظاهرة الداعشية . وجاء المؤتمر الذي دعت اليه مؤخراً الى تثبيت مخاوفها من داعش بواسطة العمل على تحشيد دول عربية وغربية واقليمية لمواجهة داعش وقد استثنت ايران من الدعوة الى المؤتمر ومن المشاركة تأكيداً لوجهة نظرها في الجمهورية الاسلامية الايرانية المساهمة في توترات المنطقة وفي حروبها .ورفضت مشاركة ايران في خلية مواجهة الارهاب لأنها الوجه الآخر لداعش من وجهة نظر المملكة .
اذاً خطر المنطقة خطران بالنسبة للسعودية الأول داعشي والثاني ايراني وبما أن هناك استحالة للتجاوب مع عداوة ايران من قبل أكثرية المشاركين في مؤتمر المملكة أكتفى من حضر باستعداده للانضمام الى محور مقاومة داعش . غياب ايران أكدّ هوّة العلاقة القائمة بين الجمهورية والمملكة وفتح أبواب الحروب على مصارعيها من العراق الى سورية ولبنان واليمن فالبحرين وباكستان اضافة الى دول يتصارع فيها الطرفان بطريقة لا تخفى نارها على أحد .