الوجود المسيحي في منطقة الشرق الاوسط ليس وجودا طارئا ,بل ان المسيحية موجودة في هذه المنطقة منذ نشأتها ,كون الشرق الاوسط هو مهد المسيحية والسيد المسيح(ع)انطلق في دعوته فيها,وكانت هي الديانة الرئيسية في المنطقة منذ القرن الرابع وحتى الفتوحات الاسلامية. وينتشر المسيحيون في كافة دول المنطقة ولكن بنسب متفاوتة ,واكبر مجموعة مسيحية في الشرق الاوسط الناطقة باللغة العربية تتواجد في مصر وهم الاقباط ويليها سوريا من حيث العدد وبعدها يأتي لبنان ,اما باقي الدول العربية فالمسيحيون يشكلون اقليات فيها .
وقد لعب المسيحيون دورا بارزا في تطوير المجتمعات العربية ولعل ابرز مراحله خلال مرحلة النهضة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين , ولهم دور فاعل في مختلف النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , والمسيحية في الشرق اساس من اسس تكوين الهوية العربية والاسلامية. واذا كان المسيحيون في الشرق خلال مراحل وجودهم فيه تعرضوا في فترات معينة الى بعض المضايقات او تحجيم لدورهم ,الا انهم اليوم فانهم في العراق وسوريا يتعرضون لأبشع انواع الاضطهاد ولأقسى حملات التهجير والقتل والاغتصاب والتدمير لاماكن العبادة والكنائس على يد عناصر ما يسمى بتنظيم داعش,الامر الذي دفع العالم كله للاستنفار للدفاع عنهم وعن وجودهم في هذا الشرق بحيث تم تتويج هذا الاستنفار بالدعوة التي اطلقتها منظمة (( من اجل الدفاع عن المسيحيين )) الى مؤتمر يعقد في العاصمة الاميركية واشنطن عنوانه الدفاع عن مسيحيي الشرق .
والمؤتمر الذي نظمه عدد من ابناء الجالية اللبنانية في الخارج وخصوصا في الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا بدأ امس الاول ويستمر لثلاثة ايام ويحضره بطاركة الشرق ويأتي في مقدمتهم البطريرك الماروني / بشارة الراعي / وعدد من الشخصيات السياسية المسيحية والاسلامية من بينهم وفد من تيار المستقبل يرأسه رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري .
ويهدف المؤتمر الى حشد الرأي العام الاميركي والمجتمع الدولي للدفاع عن المسيحيين مما يتعرضون له في الشرق من اضطهاد وتهجير وقتل واغتصاب واكراه على تغيير معتقداتهم خصوصا في العراق وسوريا على يد جماعات ارهابية ومتطرفة امثال داعش ومتفرقاتها .
ويستعرض المؤتمر حاجات الاقليات في الشرق وسبل حمايتهم وفقا للقوانين الدولية وتقديم المساعدة اللازمة للنازحين منهم .
ويأتي مؤتمر واشنطن عقب الزيارة التي قام بها وفد من بطاركة الشرق الى منطقة كردستان العراق الشهر الفائت تضامنا مع مسيحيي الموصل الذين تم تهجيرهم على يد عناصر داعش .
ودعا بيان البطاركة المسيحيين للبقاء في ارضهم كما دعا الاسرة الدولية الى عدم الاستمرار في موقف المتفرج على الابادة الجماعية التي ترتكبها الجماعات الارهابية امثال داعش وغيرها بحق الاقليات الدينية في الشرق الاوسط , مطالبين بحماية المسيحيين للبقاء في ارضهم جنبا الى جنب مع اخوانهم المسلمين .
طانيوس علي وهبي