يتخبّط المجتمع الدولي في سبل تعامله مع تنظيم "الدولة الاسلامية"، وتتعهد دول استقبال مجموعات قليلة من النازحين واللاجئين في اعتراف بالعجز الكلي عن مواجهة المشكلة الكبرى المتمثلة بتهجيرهم والاعتداء عليهم واقتلاعهم من جذورهم، ولا هَمّ الى أي مذهب أو دين انتموا، لأن لهم الحقّ جميعا في عيش حرّ وكريم في بلدانهم، وهو حق من حقوق يتغنى بها الغرب، ويعمل على توفيرها على أرضه، ويتغاضى عن انتهاكها في دول العالم، بل يكتفي ببيانات استنكار.
بالأمس صرح السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد بأن "واشنطن تستطيع التغلب على "داعش" والنظام السوري معا". وقول فورد الخبير يسبق خطاب الرئيس باراك أوباما الى الاميركيين الاربعاء الذي سيقول فيه للشعب الاميركي ان البلاد تواجه "خطراً جدياً... وان لدينا القدرة على مواجهته، ولدينا خطة".
وقال أوباما أمس في مقابلة مع شبكة "ان بي سي" الاميركية للتلفزيون إن المرحلة المقبلة في المواجهة مع التنظيم الارهابي "داعش" هي "المرحلة الهجومية"، وكرر الدعوة الى مشاركة الدول الاقليمية ذات الاكثرية السنية في المواجهة العسكرية مع "داعش" ومنها المملكة العربية السعودية والأردن ودولة الامارات العربية المتحدة وتركيا، لأن "داعش" تشكل "خطراً مباشراً عليهم، أكثر مما تشكّله علينا".
إذاً، الرئيس الاميركي لا يتحرك إذا كان الخطر "عليهم"، أي على دول العالم الثالث، ولا يهتم لأمر آلاف البشر الذين يسقطون يومياً في العراق وسوريا وغزة، وما ستؤول إليه أوضاع لبنان الذي ينزلق نحو الفتنة. لكن الرئيس أوباما، عشية ذكرى العمل الارهابي الذي طاول بلاده في 11 ايلول 2001، بدأ يستشعر الخطر الداهم الذي عنوانه "داعش"، وبدأ يبشّر بـ"مرحلة هجومية"، وهذا يعني أن دولاً أخرى ستجنّد طاقاتها للمشاركة في المواجهة.
هذه حال المجتمع الدولي ينتظر إشارة من سيد البيت الأبيض، واذا ما تراجع الاسبوع المقبل فسوف تضيع الفرصة مجدّداً، ويتوسّع "داعش"، ويتحول الشرق مظلماً، لا حياة فيه، ولا تنوّع، ولا تعدد، ولا ثقافة، ولا فنون، ولا موضة، ولا صحافة، ولا كتابة. سيصير عنوانه "داعش"، وستنتقل العدوى عاجلاً أم آجلا. بئس هذا المجتمع الدولي الذي لا يزال ينظر إلينا نظرة فوقية لا إنسانية.