الزيارة التي قام بها ولي العهد وزير الدفاع السعودي الامير سلمان بن عبدالعزيز الى فرنسا كانت زيارة تاريخية بكل المقاييس وخصوصا لجهة الملفات الحساسة والدقيقة التي كانت مدار محادثاته المعمقة التي اجراها مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمسؤولين الفرنسيين على مدى خمسة ايام .
واذا كانت الزيارة تكتسب اهميتها التاريخية لجهة الملفات التي تم بحثها خلالها وخصوصا المساهمة في تعجيل بلورة قرار دولي اقليمي لمواجهة الجماعات الارهابية /داعش والنصرة /ومتفرقاتهما وحماية المنطقة ودول العالم من الكوارث التي تتفشى في سوريا والعراق وتتهدد لبنان والاردن وحتى الدول الغربية ,الا انه كان للبنان حيزا كبيرا من هذه المباحثات التي اجراها الامير السعودي مع المسؤولين الفرنسين ,فقد برز الملف اللبناني كأولوية في جدول المحادثات منذ اللحظة الاولى عندما اعرب الامير سلمان عن امله ان يجري الاتفاق بين الافرقاء اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد بما يساعد على تجاوز الازمة الحالية ,ثم في موضوع ابرام صفقة تسليح الجيش اللبناني تنفيذا للمساعدة السعودية التي كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز اعلنها في كانون الاول من العام الماضي عندما كان الرئيس الفرنسي فراسوا هولاند يقوم بزيارة المملكة العربية السعودية وهي تزويد الجيش اللبناني باسلحة فرنسية قيمتها ثلاثة مليارات دولار تدفعها المملكة التي تحرص اولا على دعم لبنان لمواجهة الاخطار الارهابية المتزايدة التي تحاول نقل النار السورية اليه وخصوصا بعد الاعتداءات الارهابية في منطقة عرسال وثانيا دعم السلطة الشرعية اللبنانية التي يفترض ان تمتلك وحدها زمام القوة واتخاذ القرار الوطني في البلاد .
وفي المعلومات التي تسربت عن مضمون المحادثات التي اجريت خلال هذه الزيارة ان تنفيذ الصفقة سيبدأ قريبا وانها وضعت على سكة التنفيذ بما يسرع توقيع عقد تسليح الجيش اللبناني وهو ما يسقط كل الاشاعات التي روجها فريق الثامن من آذار عندما شككوا في نيات السعودية حيال اتمام هذه الصفقة التي لا تعجب الفريق الداعم للنظام السوري في لبنان ,وبالتالي فان محادثات الامير سلمان مع الرئيس الفرنسي هولاند حرصت على اهمية تعزيز المؤسسات في لبنان وخصوصا لجهة ضرورة الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت شرط ان يكون رئيسا توافقيا بعدما عطلت قوى الثامن من آذار النصاب البرلماني 11 مرة حتى الان ,وبالتالي تنتهي الازمة الداخلية في لبنان على قاعدة ان الدولة الشرعية هي سقف للجميع ,وعلى ان تكون الهبة السعودية لتسليح الجيش عربون دعم من الرياض للعهد الجديد .
وامام هذا الاهتمام الاقليمي والدولي وخصوصا السعودي الفرنسي بلبنان والسعي لتجنيبه من مخاطر الجماعات الارهابية وما قد تسببه من انهيار لأمنه واستقراره ودعمه سياسيا وعسكريا ,نرى اصحاب السلطة والقرار في البلد لا يزالون يتلهون بصغلئر الامور ويختلفون على جنس الملائكة .
طانيوس علي وهبي