إنها زيارة على حافة التطورات المتسارعة والخطيرة التي تشعل سوريا والعراق وتقلق دول المنطقة والدول الاوروبية، لهذا فهي مثقلة بالملفات الدقيقة والقضايا الحساسة، لكن ان يحتل لبنان مكاناً متقدماً في جدول اعمالها، فذلك دليل على مدى الحرص السعودي والفرنسي على دعم السلطة الشرعية والجيش اللبناني في مواجهة التهديدات الإرهابية ومحاولة نقل النار السورية الى لبنان.
وهكذا كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين تقديم ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني عبر فرنسا، في طليعة جدول أعمال المحادثات بين الرئيس فرنسوا هولاند وولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي يزور فرنسا لمدة اربعة ايام، ستكون حافلة في تركيزها على التطورات في سوريا والعراق وفلسطين وعلى العلاقات الاستراتيجية وقضايا التعاون النووي السلمي والبحري والتقني بين البلدين.
واذا كانت فرنسا تعتبر الزيارة تاريخية واستثنائية كما اعلن سفيرها في الرياض برتران بزانسنور، فإنها تأتي غداة رسالة خادم الحرمين الشريفين الى زعماء العالم، التي دعا فيها الى مواجهة سريعة وجادة للإرهاب، الذي يتمادى في جرائمه البشعة والمروعة التي يرتكبها في سوريا والعراق والتي قد تهدّد اوروبا الشهر المقبل واميركا بعد شهرين.
المحادثات بين الامير سلمان والمسؤولين الفرنسيين تتناول الوضع المتدهور في الشرق الاوسط في ضوء جرائم "داعش"، وأساساً بسبب المذابح المروعة التي ارتكبها النظام السوري ووفّرت البيئة التي ساعدت على ظهور "داعش" وأخواتها كما يقول الفرنسيون، وهو ما أكّده تقرير الامم المتحدة الذي وضع "داعش" والنظام في مرتبة واحدة حيال ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
الامير سلمان يعطي أولوية لتنفيذ صفقة تسليح الجيش اللبناني، وهو ما دفع مراقبين في باريس الى القول ان توريد الاسلحة سيتم بعد الزيارة، ومن شأن هذا ان يسقط كل الفبركات التي روّجتها جماعة الثامن من آذار في السابق، عندما شككت في نيات السعودية حيال إتمام الصفقة، التي اعلن عنها الملك عبد الله في كانون الاول من العام الماضي وكان هولاند في الرياض، كما سيسقط كل المزاعم الأخرى التي حاولت التقليل من أهمية المبادرة السعودية في دعم الجيش اللبناني، اولاً في مواجهة الأخطار الارهابية المتزايدة، وثانياً في دعم السلطة الشرعية اللبنانية التي يفترض ان تمسك وحدها بزمام القوة في البلد!
المحادثات الفرنسية - السعودية ستساهم في تعجيل بلورة قرار دولي لمواجهة الارهاب وحفظ الأمن وحماية دول المنطقة من الكوارث التي تتفشى في سوريا والعراق وتتهدد لبنان والاردن وحتى الدول الأوروبية واميركا، ولهذا يرى السفير بزانسنور انها زيارة تاريخية ترسي العلاقات الاستثنائية بين البلدين على أسس استراتيجية تخدم العلاقات المشتركة وتؤسس لتعاون دولي لمواجهة الخطر الارهابي المتفاقم.