تسعى الولايات المتحدة الاميركية لانشاء تحالف دولي بغية محاربة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام /داعش/واخواتها ,والحد من خطرها على الدول التي وجدت فيها موطأقدم لها وخصوصا في العراق وسوريا ,وفي هذا السياق تأتي جولة وزير الخارجية الاميركي لتوسيع مروحة التحالف بحيث يضم اكبر عدد ممكن من دول العالم وخصوصا دول منطقة الشرق الاوسط المتضررة مباشرة من خطر هذه الجماعات الارهابية بحيث تتمكن الادارة الاميركية من تجييش المجتمع الدولي ضد داعش ومتفرعاتها . لا شك ان هذا التحالف الدولي قد يتمكن من الحد من خطر تمدد هذه الجماعات ,وقد بدأت القوات الاميركية بضربات جوية مستهدفة تجمعات داعش المدنية والعسكرية وقد تصيبها بضربات موجعة ومؤلمة وتشل من قدرتها على التمدد وتحد من ممارساتها البربرية والوحشية بحق المواطنين الآمنين .
فهذه الحرب تستطيع ان تحصر خطر تنظيم داعش ولكن لا تستطيع ان تقضي عليه نهائيا .فالمشكلة لا تكمن في المنظومة العسكرية التي تمكنت داعش من الاستيلاء عليها في العراق وليس في المردود المالي الهائل التي استطاعت ان تملأ خزائنها به من النفط الذي وضعت يديها عليه ولا في الضرائب التي تفرضها فحسب , ولكن الخطورة تكمن في الفكر الديني المتطرف الذي يعتنقه افراد هذه الجماعات ويشرع لها ارتكاب هذه المنكرات الاجرامية .
فمحاربة داعش لا يأتي ثماره بالتحالف الدولي ضدها فقط بل بالقضاء على الفكر الديني المتطرف الذي تعتمده كأيديولوجيا لتسويقه وفرضه على المجتمع بقوة السكين والخنجر .وهنا يبرز دور المؤسسة الدينية وخصوصا المؤسسة الدينية السنية وضرورة تحويلها الى خلية بحيث يتولى رجال الدين فيها التصدي للفكر الارهابي المتشدد الذي يسيء الى الاسلام والمسلمين ,وللوقوف بوجه من يحاولون اختطاف الاسلام وتقديمه للعالم بانه دين التطرف والكراهية والارهاب .فالفكر المتطرف لا يشكل خطرا الى الامة الاسلامية فقط وانما وبالدرجة الاولى يشوه حقيقة الاسلام وصورته امام العالم .
وينبغي على علماء الدين مواجهة الفكر المتطرف بالفكر المتنور وتربية الناس على الفكر المعتدل ,وان الاصل في الدين هو التسامح والمحبة وليس نشر الكراهية واستغلال الدين لاغراض سياسية وطائفية ومذهبية ,فالعالم العربي والاسلامي يعيشان اليوم منعطفا خطيرا وترسيخ الارتباط العضوي بينهماوبين الارهاب تنم عن حضور قوي لنزعة حاقدة ومتحاملة على هذا الجزء من العالم ,وهذا يشكل خطرا كبيرا ليس على العالم العربي وحده بل على العالم اجمع .
طانيوس علي وهبي