شكوك كثيرة تحيط بالدعوة الاميركية الى انشاء تحالف دولي لمواجهة تنظيم ًداعش ً في سوريا والعراق ، فواشنطن تتوجه الى الدول  ًالمعتدلة ً في المنطقة ،  وهي التي وُجهت اليها اتهامات جمّة خلال السنوات القليلة الماضية بانها كانت وراء دعم هذا التنظيم والتنظيمات الاخرى المسماة  ًجهادية ً. 
وبطبيعة الحال لن ترضى تلك الدول نظرا لخلافها مع النظام السوري، ان يكون له اي دور في هذا التحالف لا من قريب او بعيد . وقد عبّرت واشنطن بلسان رئيسها باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري عن مجاراتها لتلك الدول بالإعلان : ان ليس عليها ان تختار مابين نظام الاسد او ًداعش ً، فكلاهما في مقلب واحد ، فإذا كانت  ًداعش ً تعمد الى قتل الابرياء بقطع الرؤوس ، 
فنظام الاسد يبيدهم يوميا بالبراميل المتفجرة . وعليه تصبح المهمة الرئيسية لهذا ًالمولود المزمع إيجاده ً هي قتال التنظيمات المتشددة والنظام السوري في آن . 
 يبدي الوزير جون كيري قلقا شديدا من المقاتلين الاجانب الذين التحقوا بالتنظيمات المتطرفة ،  ويقول في مقالة له في صحيفة "النيويورك تايمس" : لا يقتصر خطر هؤلاء المقاتلين على دول المنطقة فقط، بل يتعداها ليشمل اي مكان آخر يستطيعون الوصول اليه بما في ذلك الولايات المتحدة . ويتوجه الى الدول المتجاورة في المنطقة بما فيها تلك التي لها مصالح متضاربة ومتناقضة تاريخيا، بوجوب الانضواء تحت عباءة التحالف الدولي الجديد لان الخطر واحد وعلى الجميع .. 
ولكن مثل هذه الرؤية الاميركية ، برأي بعض المحللين السياسيين ، لن يُكتب لها النجاح ، ذلك ان ايران صاحبة النفوذ الاقليمي القوي راهناً ، لا يمكنها الدخول في تحالف يكون من ضمن أهدافه إسقاط نظام الاسد ، كما ان الدول الاخرى مثل الدول الخليجية وتركيا ، ليست على استعداد لدخول ائتلاف يقاتل التنظيمات المتطرفة دون الاسد .  
اضف الى ذلك هناك روسيا ، فالدور الروسي لا يقل تشددا حيال مساندة النظام السوري من الدور الإيراني ، وموسكو من حيث المبدأ لا توافق على النظرة التي تساوي بين الاسد و ًداعشً ، كما لا يمكن تجاهل التوتر الكبير الذي يسود الآن العلاقات الروسية الاميركية على خلفية الوضع الأوكراني ، والذي سينعكس بالطبع على خط سير التحالف المنشود . 
اذاً .. لا يعوّل المراقبون ان تسير الرياح وفق ما تشتهي سفن العرّاب الاميركي ، واكثر ما يخشى     
ان تأتي زيارة الوزير كيري بمعيّة وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل الى الشرق الاوسط الاسبوع القادم ، في اطار   " الحركة بدون بركة " ، لان وقائع وسياق التطورات في ميدان المنطقة ، تتطلب  " سرعة ندهة " هي غير متوفرة حتى الساعة في توجهات اسياد البيت الابيض ، ولولا ان تهديد " داعش " كان قد داهم عقر دار المصالح الاميركية في أربيل في العراق ، لكنّا لا نزال نشاهد الولايات المتحدة مستغرقة ً في عملية تقويم ودراسة الوضع ، ولم تحرّك ايّ ساكن ...