مرة جديدة يغرق الرئيس الاميركي في مستنقع التردد واللاقرار ويعلن بعد لقائه فريق مستشاريه في الامن القومي انه لم يقرر بعد الاعلان عن استراتيجية تستهدف تنظيم " داعش " في سوريا . 
ويبرر اوباما ذلك بان ثمة عوامل كثيرة عليه أخذها في الاعتبار منها بناء تحالف إقليمي ودولي ومساعدة المعارضة المعتدلة في سوريا والتعجيل بتشكيل حكومة في العراق . 
في النقطة الاولى ، لن ينسى العالم ان " صوفة " الادارة الاميركية حمراء فيما خص بناء التحالفات الاقليمية والدولية ، فأميركا أذاقت حلفاءها المرارة عام ٢٠٠٣ خلال غزو العراق جازمة بوجود اسلحة دمار شامل لدى نظام صدام حسين ، ليتبين فيما بعد زيف ادعاءاتها في هذا المضمار ، وان المسالة ليست في النهاية سوى عملية استيلاء على ثروات ومقدرات بلاد الرافدين .   
في النقطة الثانية وهي مساعدة المعارضة المعتدلة في سوريا ، ُبحّت أصوات قادة الجيش الحر ومسؤولي المعارضة خلال السنتين الماضيتين وهم يستصرخون الغرب وعلى رأسه اميركا بوجوب تسليح المعارضة المعتدلة ودعمها كما يجب ، ولكن دون جدوى ، كان الجواب دائماً ان ثمة مخاوف من ان يقع السلاح في إيدي المعارضين المتشددين ...
ظلّت واشنطن ترفض تسليح الجيش الحر بذريعة الخوف من  ًداعش ً حتى جاء الوقت الذي استطاع فيه هذا التنظيم من السيطرة على اهم انواع الاسلحة والاعتدة .. 
فيما خص التعجيل في تشكيل حكومة في العراق ، لم تقدّم حكومة نوري المالكي التي كانت تفيض بالدعم الإيراني تحت نظر الأميركيين ورضاهم ، النموذج المشجّع ، فأدت الى خراب العراق بعشرات المرات عما كان عليه ايام حكم صدام السابق ، وبعد جهد جهيد اقتنع المالكي مؤخراً بالتنحي .. 
هذا هو اوباما الذي يتلطى خلف عدم كفاية ونقص المعلومات الاستخباراتية عن الاهداف المحتملة لتنظيم  ًداعش ً في سوريا ، مع العلم ان طائرات الاستطلاع الاميركية نفذت ومن دون تنسيق مسبق مع دمشق ، العديد من الطلعات خلال الايام القليلة الماضية فوق مناطق دير الزور والرقة بهدف الحصول على معلومات وإحداثيات . 
وللمزيد من المماطلة كلف سيد البيت الابيض  وزير خارجيته جون كيري التوجه الى الشرق الاوسط للبحث في ايجاد اكبر مروحة تعاون إقليمي ودولي تساهم في التصدي  ًلداعش ً  في الوقت الذي يدأب وزير دفاعه في البنتاغون على نسج الاستراتيجيات المحتملة لأية ضربة عسكرية .   قذف أوباما اذاً المسألة الى أيلول حتى يكون وزيره قد عاد بالأجوبة المرتجاة ، وهذا النسق من التصرف يذكرنا بما أتحف العالم به قبل عام من الآن ، حين أوهم الجميع انه على قاب قوسين او أدنى من شن ضربة ضد النظام السوري ، لنستفيق في اليوم التالي ونرى انه ابرم اتفاقا مع هذا النظام ، كان من تجلياته فيما بعد، السكوت وغض النظر عن مجازر البراميل المتفجرة  في مقابل تسليم أطنان الاسلحة الكيماوية . 
أعراض التخاذل في اتخاذ القرار التي يعاني منها الرئيس الأميركي تجعلنا نخشى من ان ينتهي به الامر الى ان لا يفعل شيئاً ، هذا اذا لم تدفعه قلة حيائه الى إبرام اتفاقات .. حتى مع        " الدواعش "  .