دخلت الانتخابات النيابية في لبنان في مرحلة حسم الخيارات بين اجرائها في موعدها اي خلال الشهرين المقبلين او التمديد لمجلس النواب قبل انتهاء المهلة المحددة لاجراء الانتخابات (شهر تشرين الاول المقبل) او الذهاب نحو الفراغ اي عدم اجراء الانتخابات وعدم التمديد مما يدخل لبنان في ازمة سياسية كبرى وفراغ كامل قد يشمل الرئاسة الاولى والثانية ويضع الحكومة امام مأزق دستوري-سياسي.

وقد هدد الرئيس نبيه بري  في تصريح صحافي نسب له خلال الايام الماضية بالدخول في لعبة حافة الهاوية  وهذا يعني عدم الذهاب نحو التمديد واحتمال الدخول في الفراغ الشامل في حال لم يتم اجراء الانتخابات.

وقد اعتبر الرئيس بري ان لا فائدة من التمديد للمجلس النيابي الحالي اذا لم يعقد جلسات تشريعية ولم يبحث الملفات العالقة وخصوصا مشروع سلسلة الرتب والرواتب، واعتبرت بعض المصادر السياسية ان مواقف الرئيس بري تهدف لتحريك الحوار والنقاش بشأن مصير المجلس النيابي قبل الوصول الى الفراغ السياسي.

اما اوساط حزب الله فهي تعتبر ان كل الخيارات مفتوحة ان على صعيد اجراء الانتخابات في موعدها او التمديد للمجلس او الدخول في الفراغ وان الحزب مستعد وجاهز لكل الاحتمالات وهو لم يأخذ موقفا حاسما ونهائيا.

وعلى صعيد بقية القوى فان التيار العوني وحزب الكتائب يرفضان التمديد للمجلس النيابي ،في حين توافق القوات اللبنانية وتيار المستقبل وتيار المردة  والحزب التقدمي الاشتراكي على تمديد تقني قد يمتد لاشهر قليلة مع اعطاء الاولوية لاجراء الانتخابات الرئاسية قبل النيابية.

فما هي الخيارات المتوقعة على صعيد الانتخايات النيابية ؟ وهل سندخل في الفراغ السياسي الشامل ام سيتم الاتفاق على حلول سياسية لكل الملفات؟

الخيارات المتوقعة

تقول مصادر سياسية مطلعة : ان كل الخيارات متوقعة على صعيد اجراء الانتخابات النيابية في حال لم يتم الاتفاق على معالجة كل الملفات السياسية، فلبنان دخل حاليا في مرحلة العد العكسي لاجراء الانتخابات والحكومة اصدرت مراسيم الدعوة لاجرائها كي لا تتحمل مسؤولية الفراغ والتزاما بالدستور والقوانين المرعية، وبعض الجهات السياسية بدأت تجري بعض الاستعدادات الخجولة للمشاركة في الانتخابات مع ان معظم الاطراف السياسية تستبعد امكانية حصولها في موعدها المقرر.

وتضيف المصادر: في حال عدم توفر الظروف المناسبة لاجراء الانتخابات في موعدها فاننا امام خيارين اما التمديد للمجلس سواء كان التمديد لوقت قصير او طويل كما يقترح النائب نقولا فتوش(حوالي سنتين وعدة اشهر) واذا لم يحصل الاتفاق على التمديد قبل الوقت المحدد فان ذلك سيدخل البلاد في فراغ نيابي يضاف للفراغ الرئاسي ، مما سيضع الحكومة في موقف اشكالي لان هناك رأي يقول بان الحكومة لا يمكن ان تستمر بالعمل في ظل انتهاء ولاية المجلس النيابي.

وتتابع المصادر: ان المشكلة اليوم تتعلق بعدم حصول اي نقاش جدي بين الاطراف السياسية بشأن التمديد وان الرئيس نبيه بري يؤكد في مجالسه الخاصة ومواقفه العلنية انه لا يمكن التمديد لمجلس نيابي لا يعمل ولا يجتمع ، والتيار العوني  ومعه قوى اخرى يرفضون التمديد كلية وحزب الله يراقب المشهد دون اتخاذ موقف حاسم وان كان الحزب يراعي مواقف حلفائه.

اما الداعون للتمديد ولو بخجل او باصوات خافتة فهم يدعون لتمديد محدود من اجل تسهيل اجراء الانتخابات الرئاسية قبل النيابية لكن حتى الان لا توجد مبادرة واضحة وصريحة مما يجعل كل الخيارات متوقعة ومفتوحة.

التفاهم السياسي الشامل

لكن هل يمكن ان يحصل تفاهم سياسي شامل ان على صعيد التمديد للمجلس النيابي ومن ثم اجراء الانتخابات الرئاسية وصولا لمعالجة بعض الملفات السياسية والاجتماعية العالقة كإقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب؟

تقول المصادر السياسية: حتى الان لا توجد معطيات مؤكدة حول امكانية حصول مثل هذا الاتفاق مع ان الاجواء الايجابية انتشرت خلال الايام القليلة الماضية بعد زيارة مساعد وزير الخارجية الايرانية حسين عبد اللهيان الى السعودية واللقاء مع وزير الخارجية سعود الفيصل والتطورات التي حصلت في العراق والتوافق الدولي والاقليمي على مواجهة تنظيم داعش واللقاء الذي حصل بين عدد من وزراء الخارجية العرب في السعودية  والاتفاق بشأن انتهاء الحرب على غزة وانتشار بعض المعطيات حول التوصل الى اتفاق بشأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية في شهر ايلول، كل هذه المعطيات تحمل اشارات ايجابية بشأن احتمال التوصل الى اتفاق شامل، لكن حتى الان لا يوجد شيئا واضحا وحاسما وحسب المثل اللبناني المعروف: لا تقول فول حتى يصير بالمكيول.

وتتابع المصادر: اننا شهدنا في الايام القليلة الماضية حراكا سياسيا ودبلوماسيا لبنانيا وعربيا ودوليا وهناك شعور بالخوف مما يجري في المنطقة في ظل تمدد داعش في سوريا والعراق وامكانية وصولها مجددا الى لبنان، وهناك قرار عربي-دولي بحماية لبنان والاستقرار وعدم السماح بالوصول الى الفراغ السياسي الشامل ومنع انعكاس الوضع االسياسي المتوتر على الوضع الامني ، لكن المهم ان تتم ترجمة كل هذه المعطيات من خلال افكار وخطوات عمل محددة وخصوصا بشأن التمديد للمجلس النيابي ومن ثم اجراء الانتخابات الرئاسية واذا لم يحصل ذلك فاننا سندخل في الفراغ السياسي الشامل مما يعني فتح الباب واسعا امام اعادة النظر بكل النظام السياسي والدعوة اما الى مؤتمر تأسيسي جديد او مؤتمر وطني لانقاذ لبنان من الازمة القائمة ولذلك فان الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات.

مجلة الامان-29-8-2014-قاسم قصير