لا تزال حتى الساعة تُطرح الأسئلة حول الأسباب التي دفعت هيئة العلماء المسلمين إلى تعليق المبادرة التي كانت تقوم بها، من أجل الإفراج عن العسكريين والأمنيين الأسرى لدى تنظيمي جبهة "النصرة" و"الدولة الإسلامية"، من دون أن يتم الكشف عن خفايا هذا الملف، الذي يشغل بال اللبنانيين منذ لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار في بلدة عرسال ، مع العلم أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كان قد أعلن، خلال استقباله عائلات الرهائن، أن إنسحاب الهيئة غير مبرَّر.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الحديث عن ضغوط يقوم بها تنظيم "الدولة الإسلامية"، عبر البيان التهديدي الذي أصدره، تكشف مصادر مقربة من الهيئة، لـ"النشرة"، عن بعض التفاصيل التي من الممكن الحديث عنها في هذه الآونة، نظراً إلى أنها لا تزال ملتزمة بالإبقاء على مجمل الإتصالات طي الكتمان.
وتشير هذه المصادر إلى أنّ دورها كان يقوم بشكل أساس على نقل المطالب بين الخاطفين والدولة اللبنانية، لا سيما أنّ التفاوض المباشر لم يكن وارداً، وتلفت إلى أنّ المطالب الأخيرة التي نقلتها إلى رئاسة الحكومة لم تحصل على أجوبة نهائية لها، الأمر الذي أشعرها بأنها لا تستطيع الإستمرار بالشكل المطلوب.
وتؤكد هذه المصادر أنّ هناك الكثير من الخطوط التي دخلت على الملف، منها الخارجي ومنها الداخلي، وتوضح أنها تلقت إشارات من الجانبين بأن عليها التوقف عمّا تقوم به لأن هناك من يقدم ما هو أكبر من الذي تستطيع هي أن تقدمه، وتضيف: "بالتأكيد إنسحاب الهيئة لم يكن قراراً ذاتياً فقط".
وفي سياق حديثها عن مطالب الخاطفين، تؤكد المصادر أنهم طرحوا إنسحاب "حزب الله" من سوريا لإطلاق سراح العسكريين من دون قيد أو شرط أولاً، لكنها ترى أن هذا الطرح لم يكن جدياً لأن الجميع يعلم أن ذلك أكبر من قدرة الدولة اللبنانية، وتشير إلى أن جبهة "النصرة" كانت تطرح بشكل أساسي مطالب تتعلق بقضايا إنسانية لها علاقة بالنازحين الموجودين في عرسال، في حين كانت "الدولة الإسلامية" تطالب بموافقة الحكومة على مبدأ التفاوض للإفراج عن بعض الموقوفين من دون ذكر أسماء، إلا أن الجواب الرسمي كان برفض مطالب الأخيرة.
وتكشف هذه المصادر أن وزير الداخلية والبلديات كان من الجهات الراغبة باستمرار الهيئة في عملها، على عكس بعض الجهات الأخرى التي كانت تسعى إلى إخراجها من الصورة، وتعتبر أن مطالب "النصرة" كان من الممكن تحقيقها بشكل أسهل من مطالب "الدولة الإسلامية"، وتشير إلى أن البعض عرض دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عن العسكريين، إلا أن "النصرة" بحسب معلوماتها لا تقبل هذا النوع من التفاوض.
وفي ظل هذا الواقع، تشير هذه المصادر إلى أن هناك معلومات عن إمكانية حصول خرق جدي في هذا الملف خلال فترة قصيرة، وتؤكد أن الهيئة على إستعداد لمواصلة عملها في حال طلب منها ذلك أو تقديم أي مساعدة، وتضيف: "إذا كان غيرنا قادرًا على القيام بهذا الأمر حالياً بشكل أفضل نشجعه ومستعدون لمساعدته بما نستطيع"، وتشدد على أن الذي تمكن من إحداث خرقٍ في قضية مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا قادر على معالجة هذا الملف.
في المحصلة، تشدد المصادر على أن الهيئة لا تمانع العودة إلى مبادرتها بحال تبدلت المعطيات السابقة التي كانت تحيط بالملف، وتستبعد حصول تطورات سلبية في الفترة المقبلة.