بعيداً جداً عن عرسال وباقي القرى البقاعية، ومن بين أحضان أحراج السلسلة الغربية الخضراء، تطالعك صورة «الحكيم» سمير جعجع، وقد ذيّلت بعبارة «برقا دائماً بقلبك وبفكرك». تلقائياً، تدرك أنك وصلت بلدة برقا البقاعية (غرب بعلبك) لتطل من على «مصاطب» منازلها على مساحة واسعة من سهل البقاع.
لا تحتاج إلى الكثير من العناء لتتعرف الى منزل المعاون في قوى الأمن الداخلي بيار جعجع، المخطوف من قبل مسلحي «جبهة النصرة» في عرسال. عدد من أهالي البلدة والأقارب من برقا والقرى المجاورة تجمّعوا أمام المنزل، بعد تلقّي الزوجة نزهة حبقة جعجع اتصالاً هاتفياً من زوجها المخطوف. الزوجة التي تمالكت أعصابها مرات عدة، قالت لـ«الأخبار» إنها تلقّت قرابة التاسعة من مساء ليل أول من أمس اتصالاً هاتفياً من رقم غير معروف. تحدث بيار بشكل «هادئ وطبيعي». طمأنها إلى أنه بصحة جيدة، وأن «الشباب» (الخاطفين) يعاملونهم «بشكل كتير منيح»، ويوفرون لهم الطعام والشراب، وحتى المياه للاستحمام. استمر الاتصال لمدة 15 دقيقة، اطمأن فيها على العائلة وعما إذا كانت بحاجة الى المال.
سأل عن تسجيل ولديهما شربل (5 سنوات) وإيلي (3 سنوات) في المدرسة، موضحاً أنه لدى «جبهة النصرة» الذين «لا يريدون من لبنان شيئاً مقابل تحريرنا، لا أموالاً ولا أي شي، إلا انسحاب حزب الله من سوريا»، وأن «على المسيحيين في برقا والقرى المجاورة النزول إلى الشارع والمطالبة بانسحاب الحزب من سوريا»، و«عدم القيام بأي عملية أمنية لتحريرهم وإلا فسيقتلون». الزوجة التي أبدت «ارتياحها» لوجود زوجها مع «جبهة النصرة»، ولأنه «مش آذي حدا وربنا أكيد ما رح يصيبو بأذى»، أكدت لـ«الأخبار» عدم القدرة على القيام بما طلب منهم، «فنحن أبناء بلد واحد وبيار ابن دولة، وخلّي الدولة ومسؤوليها يطالبوا ويفاوضوا حزب الله للخروج من سوريا» تقول.
وإذا كانت عائلات العسكريين المخطوفين شكت من غياب أي تواصل معهم وغياب الاهتمام السياسي والأمني، فإن عائلة جعجع (38 عاماً) الذي أمضى 18 عاماً في سلك قوى الأمن الداخلي لم تلحظ ذلك، إذ أكدت نزهة أن ضباطاً من قوى الأمن الداخلي زاروا العائلة واطمأنوا إلى أوضاعها، فضلاً عن اتصالات من سياسيين، ومن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص «الذي يتصل دائماً لطمأنتنا ووضعنا في صورة كل تفصيل أو معلومة جديدة».