الجلسة التشريعيّة حتميّة. لقد صدَر القرار، وبقيَ التوقيت، وهذا أمر مهمّ وحيويّ، إلّا أنّ بعض سفراء المجموعة الدوليّة لدعم لبنان يتحدّث عن «كلمة سر»، ويؤكّد أنّ توقيت انعقاد الجلسة يعني بداية العَدّ العكسي لانتخاب رئيس للجمهورية.
يتحدّث المجتمع الغربي عن حراكٍ جدّي لعَقد مؤتمر دولي، إلّا أنّ البعض يريده لمكافحة الإرهاب، فيما البعض الآخر يُريده «للأمن في العراق». حُسِم الإطار العام، ولم يُحسَم بعد جدول الأعمال، هناك خلاف جوهري بين الداعين والمصمّمين والمكلفين الإعدادَ والإخراج.وفدُ مجلس البطاركة الكاثوليك إلى أربيل بدَّل بالأولويات، فالمسيحيون العراقيّون لن يغادروا، يريدون العودة إلى المنزل، والمقتنى، والتراب، والتراث، والهويّة، والمكان، والتاريخ، والجغرافيا. رفضوا البدائل، رفضوا أن يتحكّم «الداعشيّون» بمصيرهم ومستقبلهم، سواءٌ الذين يحملون السلاح، أم الذين يدعمون حمَلة السلاح.
يريد الرؤساء باراك أوباما، وديفيد كاميرون، وفرنسوا هولاند تحالفاً دوليّاً، لكن لم يعُد بمقدور هذا التحالف أن يعبث بالتاريخ والجغرافيا، ويُلغي جماعات، ويُبعثر خرائط، وإذا كان من غير المسموح لروسيا أن تعبَث بمصير أوكرانيا وأقليّاتها، فإنّه من غير المسموح للآخرين أن يعبثوا بتاريخ المنطقة وأقلياتها، نزولاً عند تطابق المصالح، أو تنفيذاً لما هو مرسوم للشرق الأوسط الجديد من خرائط نفوذ وكيانات.
لن يُغيّر المسيحيّون العراقيّون خريطة الشرق الأوسط، ولكنّ إصرارهم على العودة إلى قراهم ومنازلهم بدّل بعض ما هو مرسوم للمؤتمر الدولي. قد يذهب العراق نحو الفدرلة، أو نحو الكونفدراليّة.
قد يلبس أيّ ثوب، ويختار أيّ نظام، أو قد تُفرَض عليه أيّ تسوية أو صيغة، أيّاً تكن السيناريوهات فإنّ الثوابت واضحة، منها أنّ الأقليات في أرضها أيّاً يكن شكل النظام، وليس «داعش» أقوى من الذي اخترعَه وأوجَده، وكلّفَه تنفيذَ مهمّات محدّدة، والدليل أنّه عندما ركب الغرور رأسَه، وقرَّر التطاول خارج الحدود المرسومة له، ضُرب على يده ضرباً مبرّحاً لينكفئ.
التحالف الدولي آتٍ ليرسم حدود الأدوار والنفوذ في المنطقة تحت شعار مكافحة الإرهاب، سواءٌ في العراق أو في سوريا. لبنان انضمَّ إلى اللائحة بعد معارك عرسال.
هناك خاضَ معارك مكلِفة ضدّ الإرهاب، ويخوض معارك يوميّة بالجملة والمفرّق ضدّ ظواهره، وفلوله المكشوفة والمستترة، ويحظى بمظلّة واسعة من الدعم، ولكن إسمعْ تفرح، جرِّب تحزَنْ، هناك مليارات سعوديّة مخصَّصة لتسليحه، ولكنّه لم يتلقَّ حتى الآن طلقة واحدة.
إستفزّ الأسلوب «الداعشي» التحالف الدولي في العراق وسوريا ولبنان. جزّ الرؤوس، وبَقرُ البطون، والتلذّذ بالأكباد البشريّة لا يمكن أن تكون ثقافة القرن 21، ولا بدّ من المواجهة، وهذه لا تقتصر فقط على القوّة، والقذيفة، والطائرة، والصاروخ، بل على العملية السياسية الهادفة.
اختير حيدر العبادي لتأليف حكومة، وإدارة العمليّة السياسيّة، وبقيَ الخلاف حول أيّ عراق؟ هل هو العراق الموحّد؟ أو العراق الفدرالي؟ أو عراق الدويلات الثلاث الشيعيّة في الجنوب، ودولة أبو بكر البغدادي في الوسط، والأكراد في الشمال؟ الجواب عند أوباما، ومعه التحالف الدولي الذي سيرسم خطوط الطول والعرض لمستقبل العراق وسوريا.
إنضمّ لبنان تحت مظلّة التحالف الدولي، إلّا أنّ مكافحة الإرهاب لا تكون بجيش يعاني من نقصٍ حادّ في السلاح والذخيرة، ولا تكون المكافحة عن طريق إذكاء نار المذهبيّة والطائفيّة، بل عن طريق العمليّة السياسيّة.
إختار التحالف الدولي الغربي - الإيراني العبادي في العراق، وهو في الطريق إلى إختيار «حيدر عبادي» في لبنان ليكون رئيساً للجمهورية، الحديث عن جلسة تشريعيّة بات في حكم المؤكّد، والمفاجأة ستكون في التوقيت، لأنّ توقيتَ انعقادها يؤشّر إلى التفاهم الدولي - الإقليمي على «كلمة السر» المتصلة باسم الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية.