ولدت في الغرب نظرة مختلفة عن حزب الله وتبدّلت صورته الموصوفة بالارهاب بعد أن عاين الغربيّون أفعال داعش من سورية الى العراق وكيفيّة تعاطيهم مع المختلف معهم وكيفيّة ادارتهم للمناطق التي سيطروا عليها والتفتوا الى فارق كبير بين تيّار وتيّار وان كانا ينتسبان الى الأصول الدينية نفسها ..قبل الدولة الاسلامية الداعشية كان الغرب عموماً يضع الأحزاب الاسلامية في سلّة واحدة ولم يكن يفرّق بين الاختلافات المذهبية والتباينات السياسية لذا حُكم على الاسلام السياسي والجهادي بالارهاب ونال حزب الله النصيب الكافي من التسميات الارهابية منذ نشأته التي بدأها كحركة مقاومة ضدّ الاحتلال الاسرائيلي . لم يفلح الغرب في النظر الى الاسلاميين كجماعات متباينة بل اعتبرها جماعة واحدة هدفها الاخلال بالأمن الدولي لصالح فوضى مصنعة من قبل الذين ينمون في بطون الحروب والأزمات للتخريب وضرب المصالح الانسانية . بقيّ حزب الله بنظر الغرب وأميركا تحديداً حزباً موضوعاً على لائحة الارهاب نتيجة أفعال جهادية قام بها ضدّ المحتل وضدّ المتعاونين معه . واستمر الوصف الأمريكي والنعت الغربي لحزب الله كما هو مجرد حالة متأثرة بالتجربة العنفية والقهرية للمجتمع ..مع صعود داعش سوريّاً وعراقيّاً وارتكابهم لمجازر تقشعر لها الأبدان وتجاوزهم لخطوط الحواجز الدولية وجد الغربيّون في حزب الله جهة مسؤولة وضامنة للشرعية الدولية اذ لم يُقدم الحزب على عمل شنيع ومخالف للقوانين الدولية وشرعة حقوق الانسان وانحسرت تجربته في المجال الوطني كمقاومة ضدّ الاحتلال .
في التجربة اللبنانية تكاد أن تنحسر سلبية سلطة حزب الله من وجهة نظر الآخرين في ظاهرة القمصان السوداء وبعض الأعمال التي لم ترتق في مستوى آذاها الى المستويات السلبية اليومية لجماعات داعش . لهذا استفاق العالم على ضرورة اعادة النظر في الموقف من حزب الله وثمّة مصادر أكّدت جهوزية الغرب الى فتح علاقة جديدة مع حزب الله باعتباره تيّاراً معتدلاً محكومًا بضوابط غير متوفرة لأهل اللحى من جماعات داعش .
ان سوء أفعال داعش واجرامها وفتكها بالنّاس بصورة لم يسبق لها مثيل قدّ كشف الغطاء عن عيون الغرب وبات البحث المعرفي عن طبيعة وتجارب التيّارات الاسلامية يكشف لهم باستمرار وجود جوهر طبيعي بين الاحزاب الاسلامية الجهادية وبالتالي أسقط مقولة وضع الاسلاميين في سلَة واحدة .
لذا ثمّة اتجاهات في الغرب تؤيد فكرة العمل على فتح حوار مع حزب الله تمهيداً لتصحيح العلاقات معه ولبناء منظومة مصالح مشتركة وهناك من بادر منهم تجاه ايران بعيد اتفاقها مع مجموعة الخمسة + 1 كخطوة أولية لتحسين العلاقة مع حزب الله .
رُبّ ضارة نافعة ... مقولة رائجة جعلتها داعش جملة فاعلة في السياسة ولها تأثيرها الواضح على المجتمع الدولي الذي أعاد النظر في الالتباس الواقع في مفاهيمه وحرّر قراره من تأثيرات التعاطي مع الاسلاميين كجهة واحدة ومن بينهم حزب الله .