يعيدنا طرح اجراء الانتخابات الرئاسية بالاقتراع الشعبي المباشر الى السؤال عن المناصفة في الواقع الذي يراد له ان يصير مستجداً، وعن الشعب العظيم الذي سيختار الرئيس من دون الخضوع للضغوط المتعددة والمختلفة. فأي شعب يراد منه الاقتراع لاختيار الرئيس المقبل للبلاد؟
هو الشعب الذي يأتمر بالسياسيين والامنيين ويعمل ضد مصلحته ومصلحة بلاده، ويرضى ان يبيع صوته وكرامته بحفنة من الدولارات.
هو الشعب العظيم الذي ارتضى المذلة بالتعامل تارة مع الاسرائيلي وطوراً مع الفلسطيني، كما مع السوري، فرضخ لكل الوصايات التي اصابت الوطن في الصميم.
هو الشعب الذي يرتضي المشاركة في حروب الآخرين، تارة يجرها الى بلاده، وطوراً بالذهاب اليها طوعاً، فيورط بلده واهله في حرب لا مصلحة لهم فيها، الا لحسابات تخدم دولاً اقليمية.
هو الشعب الذي ينتظر فتوى تحدد له المسموح به والمحظور في الاقتراع، فلا يحدد خياره بوضوح الا في الليلة الأخيرة التي تسبق الانتخاب.
هو الشعب الذي يتقاتل ويقتل بعضه بعضاً طوال مدة 15 سنة، ولا يتعلم من تجاربه، بل يسقط مجدداً في التجربة.
هو الشعب الذي يناصر "داعش" نكاية بمواطنيه، أو يمضي بولاية الفقيه دونما اعتبار للشريك في الوطن.
ونسأل عن المجنسين الذين استقدموا من الخارج دونما اعتبار للقيم الوطنية اللبنانية، بل الذين لا يزال الخارج نفسه يديرهم، وملفات الطعن في جنسيتهم خًبئت في الادراج ولم ينفذ شيء من اعادة النظر فيها، هل يعتبر هؤلاء من الشعب الذي سيقترع أيضاً، أو ربما كان الاعتماد عليهم وعلى أمثالهم اذ ان هؤلاء لا يعتكفون كما اللبنانيين؟
هذا كله لا يحط من قدر الشعب اللبناني، فهو عالم وعارف، ومتعلم وذكي، ومبدع، ومحلل، ومقاوم صلب، ومدافع شرس، وذو ضمير حي، وأب للحضارة الانسانية في الكثير من مجالاتها.
لكن الضغوط التي تحاصر اللبناني تضطره أحياناً كثيرة الى الخضوع للشروط غير المقبولة، وللاعتبارات المناطقية والطائفية والمذهبية، وتدمر لديه كل رغبة في التطوير والتغيير والاصلاح...
لذا يصير التغيير عملية صعبة ومعقدة ولا يمكن طرحه من طرف واحد، بل يمكن ان يكون ثمرة حوار وطني، وحبذا لو طرح الموضوع في مؤتمر الحوار الوطني، بدل اضاعة الوقت على ما لا يجدي.