قبل بزوغ الدعوة الإسلامية ونزول الوحي على رسول الله محمد (ص) ودعوة الناس إلى التوحيد ونبذ عبادة الأوثان والشرك بالله تعالى...كانت المجتمعات تعيش في الجاهلية أو ما يسمى بالعصر الجاهلي التي كانت تُعبد فيه الأحجار والنار وعبادة الشمس والقمر والنجوم.. لأن طبيعة البشر تحتاج إلى ما تتعلَّق به ، فتصبح حاجة ضرورية لها وهذا ما تستأنس به النفس البشرية ، والبعض منها يخترع ما يسمى بالعبادة لتلبِّي حاجاتها المادية والمعنوية لتقربها إلى الله زلفى.. فبعد نزول الوحي ومنذ أكثر من أربعة عشر قرن وبعد وفاة النبي محمد (ص) انتشر الفكر الدعوائي وحمل في طيَّاته الدعوة لكل العالم في الكون ، بل ما وراء الكون والطبيعة.. ولكن ما أثبتته التجارب في التاريخ أنَّ هذه الصحوة الدعوائية ربما كانت هي أحوج إلى الإصلاح الديني من تلك..لأنها هي إفترقت وتشتَّت في دعوتها وظهر فيها من الفرق والمذاهب والأحزاب والتجمعات والهيئات والجمعيات وتعدَّدت مصادرها وأحاديثها أكثر بكثير من كل الفرق والأديان مجتمعة...لستُ أدري ولا المنجِّم يدري من يصلح من..؟ في الجاهلية يعبدون أصناماً جامدة ، في الفكر الدعوائي يعبدون أصناماً من تمرٍ ومن لحمٍ ودمٍ ، أحياءاً وأمواتاً ، بل أحجاراً وأشجاراً ، وأبواباً وأخشاباً ، كلها من أجل التبرُّك والتقرُّب إلى الله تعالى...في الجاهلية كانت متفرِّقة ومنقسمة إلى قبائل وعشائر ، وبدوٍ وأعرابٍ ، كانت تقوم على الغزو من أجل الحياة والإرتزاق...في الفكر الدعوائي جماعات وأحزاب ، ومذاهب وفرق ، كادت تنعدم بينهم التواصل والتعارف في البلد الواحد والوطن الواحد والقرية الواحدة بل في العائلة الواحدة والدين الواحد والمذهب الواحد...في الجاهلية تسفك الدماء في طلاب الأوتار..في الفكر الدعوائي تسفك الدماء من أجل الدين حبَّاً في السلطة والنفوذ..ما قيمة فكرٍ يموت الإنسان من أجله، أليس الدين في خدمة الإنسان وليس الإنسان في خدمة الدين..نماذج من الجاهلية التي تحدثنا عن كرم الطائيين والبرامكة والموت في سبيل حفظ الأمانة كالسموأليين والغيرة والحمية..حبَّذا لو يكتفي الفكر الدعوائي بالوصول إلى السماء ويترك الأرض لأهل الأرض الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وعن ذكر الناس..فليخبرنا أين حلَّت تعاليم الإسلام وفي أي موطنٍ أستوطن من بلادنا ودولنا وأرضنا التي تسفك فيها الدماء وتهتك فيها الحرمات والأعراض...هل في محاكمنا الدينية الناطقة باسم السماء التي تئنُّ منها الأرض والسماء بلا خجل ولا حياء، أم في المؤسسات الروحية والدينية ودور العبادة ، أم في شوارعنا ومحالِّنا حيث الكذب والغش والخداع والأيمان الغموس المغلَّظة والمغمَّسة بالأيات والسور..كلها أقوالٌ كاذبة وشعارات مزخرفة..لا تكاد تسمع إلاَّ أحاديث مختلقة وأحداث وخُرَافات تاريخية ما أنزل الله بها من سلطان ، ونشر من بدعٍ دينية سماوية تهيمن على عقول البسطاء...إنَّ الدعوة التي جاءت بها الأديان ودعوة الصادق والصدق المطلق مع الله والحياة والناس هي دعوة نبي الله محمد (ص) تلك هي الدعوة الإنسانية جاءت لمحاربة تلك الرذائل والقضاء عليها..فالقريب من قرَّبته الإنسانية وإن كان بعيداً عن لغة محمد(ص) والبعيد من أبعده الطمع والجشع وإن كان قريباً من لغة محمد(ص)..ما نراه من الفكر الدعوائي حيث يظنون أنهم يبنون ويصلحون ويسيئون من حيث أنهم يحسنون صنعاً ، فلا تجد فرقاً بينهما إنهما لفظان مترادفان يختلفان من حيث اللفظ ويتفقان من حيث المعنى وما يخدعون إلاَّ انفسهم وما يشعرون.....
الشيخ عباس حايك
لستُ أدري ولا المنجِّم يدري..
لستُ أدري ولا المنجِّم يدري..الشيخ عباس حايك
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
2824
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
تعليقات الزوار
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخ عباس حايك
السلام عليكم و بعد،،
أحسنت في رثاء حال الأمة الإسلامية
لكن هذا ليس هو وظيفة الطبيب تجاه المريض،
المطلوب تشخيص المرض
و وصف العلاج
تعيين الدواء و طريقة تعاطيه
سلام
أخوك محمد سعيد رجب عفارة
الإسم: محمد سعيد رجب عفارة
24 آب 2014
عليكم السلام أخي الأستاذ محمد سعيد لرجب عمارة....دعوة الى تحرير العقل
نصحني أكثر من صديق يخاف مني وعلى نفسه أن أخرج من سوق الكتابة وعن بضاعة مزجاة وان اترك شيوخ القبيلة والحوزة وشؤونهم وشجونهم لأن في ذلك تقية شرّعها الأولياء حفاظا على النفس من التهلكة , التي يحفرها أكثر من حفاّر سياسي وديني لذلك اعتذر منهم ومن الخائفين من انفسهم على انفسهم . ولن اتخلى عن دوري في نقد العناوين التي اراها مسيئة للاسلام الذي نتمسك بحبله الانساني المتصل بالله والانبياء والاولياء والشهداء عندما يتحول بعض رجال الدين الى بائعين متجولين في اسواق السياسة يتبادلون السلع وتجارة النفوس الامارة بالسوء ويبقى ايلافهم مفتوحا على مصالح سياسية ضيقة بحثا عن متاع ومنافع متعلقة بالمناصب والثروات واشياء أخرى
لقد اسقطت الثورة الفرنسية كنائس الاسواق وتجار الجنات والسماوات وحررت العقل من سيطرة لحى الكهنة . فمتى نقتبس هذه الشعلة الوضاءة ونستريح من عناء السفر خلف سراب دين هؤلاء الذاهبين باتجاه قصورهم وموائدهم ونخرج من اكواخنا وكوابيس الساسة الى واقع العقل المحرر من كل استلاب لقول علي عليه السلام كم من عقل اسير تحت هوى امير . وتبقى الدعوة الى تحرير العقل من اي سيطرة تأكيدا على ما جاء في الالواح والزبر والكتاب والفرقان في ما نقله القرآن الكريم وانزل في ذلك عشرات الايات على تحرير العقل من التقاليد والاوهام ونعى على العرب الذين يؤمنون بالسخافات والخرافات والاساطير .
لقد تطورت الحياة وتعددت شؤونها واحداثها ولم يبقى شيء حقير او خطير على ما كان عليه في عهد الفقهاء السالفين فمن المستحيل ان تبقى الاحكام جامدة وراكدة وموضوعاتها في تغيّر مستمر .
ان الحكم متفرع من موضوعه فيثبت بثبوته وينتفي بانتفائه ويتطور بتطوره . لقد دفع الاحرار في العالم ثمن حرية العقل غاليا فتولدت من افكارهم وتضحياتهم صيغا دستورية وقانونية متقدمة يسعى اليها المنتفضون العرب اليوم لتحسين شروطهم السياسية والاجتماعية بعد ان شاهدوا كيف يعيش المواطن في العالم الاول والحقوق التي يتمتع بها والتي جعلته متساويا امام القانون مع النخب الحاكمة . ان في تحرير العقل تحريرا للانسان في الادارات السلطوية وتعزيز لمناخات الخروج من الاقبية العربية وانفاقها وسجونها وكهوفها القديمة الى فضاءات جديدة قد تؤدي الى استبدال الكثير من الكوابيس الموروثة التي عاشها العربي منذ قديم الزمان الى احلام ممكنة في ظل دولة القانون والانسان .
بقلم الشيخ عباس حايك
الإسم: عباس حايك
27 آب 2014
إن موقع لبنان الجديد لا يتحمل مسؤولية التعليقات وغير مسؤول عنها.
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro