كشفت نتائج المؤتمر الرابع للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين المنعقد ما بين 20و23 اب الجاري في اسطنبول عن عمق الازمة السنية-الشيعية اليوم، فالمؤتمر الذي تأسس عام 2004 في لندن بمبادرة من رئيسه الشيخ يوسف القرضاوي ضم العديد من علماء الشيعة عند التأسيس وخلال الدورات السابقة وكان هناك عرف يقضي باختيار نائب للرئيس من الجمهورية الاسلامية الايرانية وتولى هذا المنصب بداية اية الله الشيخ محمد علي التسخيري ومن ثم اية الله واعظ خراسان زادة، كما ان الامانة العامة للاتحاد كانت تضم عددا من علماء الشيعة سواءا بالانتخاب او الاختيار، كما حرص الاتحاد على انتهاج سياسة وحدوية اسلامية واتباع خطاب وسطي ووحدوي في معالجة مختلف القضايا، لكن للاسف ومنذ عام 2006 بدأ الاتحاد يشهد تراجعا على صعيد دوره الوحدوي ان بسبب الازمة العراقية او الاوضاع اللبنانية او مؤخرا الاوضاع السورية والخلاف حول ما سماه رئيس الاتحاد الشيخ القرضاوي " التمدد الشيعي"، وقد ادت هذه الملفات الى ابتعاد معظم ان لم يكن كل علماء الشيعة او بعض علماء السنة الذين لا يتبونون رأي الشيخ القرضاوي عن حضور دورات الاتحاد ومؤتمراته، كذلك غاب عن قيادة الاتحاد في الدورة الاخير اي حضور ايراني وتم انتخاب شخصية ماليزية بدلا من الشخصية الايرانية في موقع نائب الرئيس،كما شهدت الدورة الاخيرة حملة قاسية ضد المسلمين الشيعة بشكل عام واتهمهم بعض اعضاء بانهم عملاء لايران ويجب مقاتلتهم، اضافة للحملة ضد ايران والشيعة واعتبار ايران احد الاعداء الاساسيين للامة اضافة لاسرائيل وداعش ولم يتم الرد على هذه الاراء من قبل قيادة الاتحاد او من علمائه الاساسيين باستثناء بعض الاستنكارات الخجولة من قبل بعض الاعضاء.
هذه التطورات تكشف عمق الازمة السنية-الشيعية اليوم ولم يعد الخلاف مقتصرا على الجوانب السياسية او مع فريق سياسي دون فريق اخر ، والاتحاد الذي كان من المفروض ان يلعب دورا وحدويا وحواريا تحولت مؤتمراته الى منبر للخطاب السلبي، كما ان غياب علماء ايران خاصة و المسلمين الشيعة خاصة عن قيادة الاتحاد ومؤسساته الفاعلة سيؤدي لزيادة الخلافات بدلا معالجتها، كما انه لم نلحظ وجود مبادرات عملية لقيادة الاتحاد لمعالجة الخلافات القائمة ووضع اطر عملية للحوار والنقاش ومن اجل الاتفاق على رؤية مشتركة للحلول للازمات القائمة.
وقد نشأت اطر اخرى موازية لعمل الاتحاد كالمبادرة التي اطلقتها رئاسة الشؤون الدينية التركية لجمع العلماء المسلمين في اطار جديد او كتأسيس اتحاد علماء بلاد الشام او اتحاد العلماء الداعمين للمقاومة والقضية الفلسطينية كل ذلك يكشف عمق الازمة السنية-الشيعية وكان من المفروض للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في مؤتمره الاخير ان يعالج هذه المسألة ويضع رؤية لحلها لكن للاسف فان تائج المؤتمر اتت معاكسة لهذا التوجه على امل ان يتم تدارك ذلك من خلال الخطوات العملية المستقبلية والا يتحول الاتحاد الى اطار محدود وضيق ولا يمثل سوى فئة معينة من المسلمين او مجرد واجهة للعمل الحزبي كما عبر احد قيادات الاتحاد خلال المؤتمر الاخير ولم يتم الاخذ بملاحظته.
قاسم قصير-موقع لبنان الجديد