اثارت التقارير الإخبارية التي ذكرت تصريح نسب الى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ابدى فيه استعداد بلاده للتعاون مع الغرب في القتال ضد ميليشيات تنظيم " داعش " مقابل رفع العقوبات عنها، الكثير من اللغط والنقاش وحتى الاستنكار، مما اضطر وزارة الخارجية وعلى لسان المتحدثة باسم الوزارة مرضية أفخم الى اصدار توضيح للموضوع
وكان الملفت هو ان ما جاء على لسان أفخم قد ساهم بشكل كبير بإعادة التأكيد على ما كان قاله جواد ولم ينفه واكتفت بالقول ان ما جاء على لسانه لم ينقل بصورة دقيقة, هذا بعد ان كانت وكالة أنباء " تسنيم" الإيرانية هي من نقل عن ظريف ما حرفيته " انه في مقابل ذلك التعاون( قتال داعش ) يجب على القوى الكبرى في الأمم المتحدة بالإضافة الى المانيا ان تسعى لدى مجلس الامن لرفع العقوبات المفروضة على طهران على خلفية النزاع حول الملف النووي الإيراني "
وبغض النظر عن صحة تصريح الوزير او نفيه, يبقى من المؤكد ان ايران دولة لها مصالحها وعندها من الازمات الاقتصادية الكبرى ما يحتم على نظامها ومسؤوليها ان يقلقوا وان يستغلوا أي من الظروف من اجل السعي الى حلحلتها، شأنها بذلك شأن كل دول العالم التي تتطلع الى تحقيق مصالح شعبها وهذا امر اكثر من بديهي، وممارسات النظام الإيراني على طول الخط وبالخصوص في الأمور المتعلقة بقضايا المنطقة انما تؤكد هذه الحقيقة يوميا
وللانصاف هنا لا بد من القول بان النظام الإيراني يرسم كل سياساته وبالخصوص الخارجية منها على ضوء مصالحه الذاتية فقط، وبعيدا عن ضوضاء الشعارات الخطابية التي نسمعها، وانه لطالما نجح بالغالب الأعظم في تأمينها لانه يتمتع بالكثير الكثير من البراغماتية التي قد تسمح له بالتعاون حتى مع الشيطان بغض النظر عن حجمه (الأكبر او الأصغر)
وان كانت " البراغماتية" غير موجودة بالقاموس الإسلامي الإيراني الا انه حتما يحتوي على ما يعادلها كمصطلح " المصلحة الإسلامية العليا " او " الحفاظ على بيضة الإسلام " وغيرهما من المصطلحات
وبناءا على ما تقدم يصبح أي تعجب او اسهجان من تصريح وزير الخارجية الإيراني ان جاء من ناحية خصوم ايران فانه ينم عن الجهل بالعقل الإيراني واما ان صدر عن حليف لإيران فانه لا يغدو اكثر من استنكار لعدم ضرورة التأكيد على ما هو مؤكد بما يضر بصورة ايران التي يعملون من اجل تظهيرها للجماهير على انها مؤسسة خيرية لا تبغي الربح
واما من يمتلك الحد الأدنى من المعرفة السياسية وطريقة التفكير عند الدول، فانه لا يستبعد ابدا على ايران نسج سجادة من المصالح المشتركة مع داعش من اجل عرضها لاحقا في سوق التجارة