تجنح آراء بعض متابعي مسار التطورات في المنطقة الى قراءة الحدث العراقي الذي تمثل مؤخراً بإزاحة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي عن سدة الحكم ، على انها قد تندرج من ضمن تسوية شاملة يمكن ان تطال العديد من القضايا العالقة على مستوى اكثر من دولة ، ومنها حل عقدة انتخابات الرئاسة الاولى في لبنان بما يفضي الى إيصال مرشح توافقي الى قصر بعبدا .. 
جدد المالكي لنفسه في الحكم في العام ٢٠١٠ لمدة اربع سنوات ثانية ، بدعم مطلق من ايران وأميركا ، وشهد العراق خلال فترتي حكمه ما شهده من ظلم واستبداد وعمليات إقصاء موصوفة لأطياف عراقية ، ضاهت ما كانت عليه سنوات حكم الرئيس الراحل صدام حسين . 
والآن ، وبعد حيز من العناد والمكابرة ، رضخ المالكي أخيرا لسلسلة من الضغوط الداخلية اولا ومن ثم الخارجية ، تاركا المكان لحيدر العبادي ، علّه يستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه من عراق مدمر مشتت غارق حتى العظم في حروب أهلية .. 
خروج المالكي بهذه الطريقة ، رأى فيه البعض تراجعا إن لم يكن ضربة للسياسة الإيرانية في المنطقة التي أوصلتها طرائق حكم المالكي الى الفشل الذريع ..  
وهنا قد يسأل سائل ، هل يمكن ان يؤدي هذا التغيير الى نوع من المراجعة وإعادة النظر في التعاطي الإيراني مع شؤون وشجون الاقليم ، وبالتالي التخفيف من سطوة الجنرال سليماني وتشدده .. 
لقد كان ثمة اعتقاد ان التنازل في الملف النووي سيكون كافيا لفك الحصار الغربي عن ايران ،  والقبول بمناطق نفوذها في المنطقة ، ولكن ذلك لم يحصل ، وهو ما جعل الساسة الإيرانيين يواجهون المزيد من المتاعب والتحديات ، فتحريك الحروب الطائفية والمذهبية ، ومقولة الدفاع عن العتبات المقدسة والمزارات الدينية من المتطرفين السنة ، واللعب بورقة المذابح الاسرائيلية في غزة  ، ما عادت تفي بغرض الاستقطاب وتوسع نفوذ الامبراطورية .. 
لم يبق الاّ ورقة التفاوض ، والتفاوض مع العرب تحديدا ، الامر الذي قيل ان الأميركيين كانوا قد طلبوه من طهران .. فهل يتعقل قادتها ويفاوضون .. بما يعبّد الطريق لاحقا امام ملء الفراغ في القصر اللبناني الاول ...؟؟