الخطاب المتلفز الذي وجهه امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الى اللبنانيين والعرب والمسلمين بمناسبة انتهاء حرب تموز 2006 كان خطابا شاملا وصريحا وشفافا ووضع العديد من النقاط على الحروف وشرح بوضوح المخاطر التي يواجهها لبنان والعالم العربي والاسلامي في هذه المرحلة وخصوصا مشكلة التطرف الاسلامي ، ومع ان السيد حسن لم يشر الى مشكلة الديكتاتورية والظلم والطغيان والتي تشكل سببا اساسيا لنمو التطرف وبروز المجموعات المتشددة، فان ما طرحه من افكار واقتراحات للحوار والنقاش يمكن ان يشكل مدخلا مهما للبحث عما يجري في لبنان والمنطقة ووضع خارطة طريق لمواجهة مختلف الازمات التي نعاني منها.
وتشكل دعوة السيد نصر الله لعقد لقاءات ثنائية ورباعية وخماسية للحوار والنقاش بعيدا عن المواقف المسبقة والسجالات السابقة فرصة جديدة امام اللبنانيين والعرب والمسلمين من اجل العودة للحوار والنقاش العميق في كيفية مواجهة ما يجري من متغيرات وتطورات خطيرة في كل المنطقة.
وانطلاقا مما تقدم يمكن القول ان الدعوة للحوار والنقاش اصبحت مسؤولية الجميع وفي المقدمة حزب الله لان السيد نصر الله هو صاحب المبادرة للحوار، واذا كان السيد قد استبعد عقد مؤتمر وطني او حواري شامل وفضّل عقد لقاءات ثنائية وثلاثية ورباعية وحاول حصر النقاش بين القوى السياسية والحزبية، فانه ينبغي الاشارة الى ان قوى المجتمع المدني والهيئات الفكرية والاعلامية والثقافية والعلمائية معنية ايضا بالحوار ويجب ان تشارك في هذه الحوارات نظرا لدورها المؤثر والفاعل في الرأي العام، وهنا يتوجب على حزب الله ومؤسساته المختلفة العمل لتطبيق دعوة امينه العام على ارض الواقع من خلال الدعوة لعقد ورش عمل مشتركة تضم مختلف الشخصيات الفكرية والاعلامية والدينية والادبية والثقافية والحقوقية والجامعية من اجل البحث عما يجري ووضع افكار واقتراحات للمواجهة واعادة التركيز على خيار الوحدة والاعتدال والتنوع في مواجهة التقسيم والمذهبية والتطرف ورفض الاخر.
ويمكن للحزب ومؤسساته الانطلاق في الحوار مع الشخصيات والقيادات النشاطة والتي كان لديها تحفظات او انتقادات على ادائه السياسي والميداني والاعلامي وخصوصا تجاه الازمة السورية وتدخله العسكري في هذه الازمة.
ويجب على الحزب ومسؤوليه ان يكون لديهم الاستعداد والقابلية للاستماع الى كل وجهات النظر وعدم توجيه تهم الخيانة لكل من لديه وجهة نظر تخالف رأي الحزب وان يتم تعميم هذه الثقافة والتوجهات على مؤيدي الحزب وانصاره وخصوصا الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي كي يشاركوا في الحوار ويبتعدوا عن كل ما يسيء للاخرين وان يتقبلوا ارائهم وافكارهم التي تخالف ما يؤمنون به.
اذن وانطلاقا من خطاب السيد نصر الله الهام والاستراتيجي يجب ان تنطلق ورش الحوار المتنوعة وحزب الله وكل الاطراف الاخرى وكل المؤسسات والهيئات الناشطة على صعيد الرأي العام يمكن ان تتحمل المسؤولية في هذا المجال.
قاسم قصير