يوما بعد يوم يرتفع منسوب الشائعات حول هبة الثلاثة مليارات دولار التي قدمتها السعودية الى الجيش اللبناني في بداية هذا العام، خصوصا بعد التأخير الكبير في اتمامها، وعزا بعض الشائعات الامر الى عرقلة تسببت بها قضية عمولات كبيرة لم تنضج بعد بين عدد من الشركات الفرنسية ووسطاء اللبنانيين عرفت اسماؤهم وتوزيعتهم في تركيبة الحكومة اللبنانية. حصول اجتماعات عدة بين موفدين لبنانيين من الجيش ونظرائهم الفرنسيين للبحث في جداول الاسلحة المطلوبة للبنان، تأخر اتمام الهبة السعودية وسط كلام على احتمال ان تتعطل مدة طويلة اذا لم تذلل العقبات الادارية والمحاسبية امامها. وقيل في معرض تبرير التأخير ان السبب هو عدم وجود الاسلحة المطلوبة للتسليم فورا، كما قيل ان الجهة المانحة تتشدد اداريا في التفاصيل بما يؤخر الامر. ورغم كل ما يقال تبريرا، فإن الضجة حول العمولات كبيرة جدا هنا وفي باريس.
هل الشائعات هذه صحيحة؟ أم أنها تلفيقات؟
رئيس الحكومة تمام سلام معني مباشرة بالخوض في تفاصيل الموضوع، وفي الاتصال بالفرنسيين مباشرة بوصفه رأس السلطة التنفيذية، والمسوؤل عن حسن اداء الحكومة اللبنانية. وبناء عليه مطلوب من الرئيس سلام ان يكون حارسا امينا على سمعة الدولة اللبنانية والمؤسسة العسكرية جزء منها. كما ان قيادة الجيش مطالبة بالتقصي والبحث في الامر لان موضوع العمولات ان كان صحيحا سيصيبها في نهاية الامر. ولا يجوز ان تملأ الشائعات الارض والسماء هنا و في باريس من دون ان يتصدى للموضوع رئيس الحكومة بوصفه راس الهرم في الحكومة، وقائد الجيش بوصفه رأس المؤسسة المعنية بالهبة السعودية.
والهبة السعودية الاولى (ثلاثة مليارات دولار) ينبغي على السلطات اللبنانية سياسية كانت ام عسكرية ان تتشدد في الجوانب "المظلمة" المتعلقة بعمولات مفترضة حولها.
لسنا نؤكد ولا ننفي قضية العمولات، لكننا نعتبر ان ثمة كلاماً كبيراً يحكى هنا وفي باريس، واسماء عدة متداولة في الموضوع، بما يدفعنا الى دق ناقوس الخطر، والتحذير من اضرارها السياسية الكبيرة.
بالامس لخص لي مسؤول كبير متابع للقضية اسباب التأخير في هبة المليارات الثلاثة كما يلي. "ثمة ثلاثة اطراف تتسبب بالعرقلة مباشرة او غير مباشر: "حزب الله" لاسباب سياسية تتعلق برفضه تقوية الجيش في الاساس. والاميركيون لاسباب تتعلق باستبعادهم عن الهبة - الصفقة، ومسؤولون كبار ومعهم وسطاء هنا وفي فرنسا يسعون الى انتزاع عمولات".
فهل من ايضاحات من الحكومة والجيش حول الموضوع، او ننتظر تفاصيل تنشرها جريدة "لو كانار آنشينيه" الفرنسية الساخرة والمشهورة بالبحث عن الفضائح، وذلك في وقت ليس ببعيد؟