مع إعلان رئيس المجلس نبيه بري إرجاء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية التي كانت مقررة اليوم الى الثاني من أيلول المقبل، تبددت أجواء التفاؤل التي أفرزتها عودة الرئيس سعد الحريري والتوقعات التي رافقتها حيال صفقة سياسية ناجمة عن تفاهم إقليمي دولي يقرن عودة الحريري بانتخاب رئيس جديد للبلاد تستقيل على اثره الحكومة ليترأس الحريري الحكومة الأولى في العهد الجديد.
ومع إرجاء جلسة الانتخاب الى مطلع الشهر المقبل، يتضّح ان الصفقة السياسية الشاملة لم تكتمل بعد ولم تنضج ظروفها في شكل نهائي، وان الأمر يتطلب المزيد من الوقت في انتظار جلاء المشهد الإقليمي.
لكن عودة الحريري ساهمت الى حد ما بعدئذ في سحب صاعق التفجير المذهبي الذي كان يتهدد بلدة عرسال. وبدا لافتا انه منذ دخول الحريري القوي على خط الاتصالات الداخلية، مزوداً بهبة سعودية بقيمة مليار دولار، تراجع الكلام عن الوضع الأمني في عرسال، بحيث أقفل الملف على الأسئلة المشروعة التي حملتها ممارسات أيام المواجهة. فلم يعد ثمة من يسأل عن الأسباب التي أدت الى انفجار الوضع في عرسال، وعن أسباب عدم لجوء الجيش الى تعزيز حضوره ووحداته في البلدة وهو على يقين من الظروف الدقيقة والحساسة التي تعيشها. كما ان أحدا لم يعد يسأل عن ألاسباب الكامنة وراء التساهل في دخول هذا الكم من المسلحين الى البلدة من دون رادع ، علما ان السؤال الأكبر المطروح اليوم هل ان نتائج معركة عرسال والخسائر التي تكبدها الجيش ترفع حظوظ القائد جان قهوجي في الرئاسة أو تنهيها؟
أيا تكن الأجوبة، وهي عينة من مجموعة أكبر يجري التداول بها في الوسط السياسي، فإن التطورات الأخيرة أخذت المشهد السياسي الى مكان آخر، بحيث ان الحدث اليوم توزع على محوري ملف تصحيح الامتحانات وقضية ميامي الكهرباء، فيما ينتظر ان يطفو اعتبارا من اليوم وبعد تأجيل جلسة انتخاب الرئيس، ملف التمديد للمجلس النيابي، والذي بدأ التسويق له يظهر الى العلن رغم المواقف الرسمية الداعية الى إجراء الانتخابات في موعدها.