فشل أخوان مصر في المحافظة على سلطة خسروها بلمح البصر بعد أن ربحوها في غفلة عن الشعب والنّاس نيام في أكياس من الأحلام الاسلامية ودخلوا السجون التي خرجوا منها لا كمعارضة للنظام بل كجهة أساءت استخدام السلطة ولجأت الى العنف بعد أن احتشد المصريّون مجدداً خلف الجيش لتقصير لحى الاخوان التي ملأت الدولة واحتلت المؤسسات .
لطالما قدّم الاخوان نماذج متعددة في الممارسة السياسية ساعدتهم على التقرّب من الغرب لتأسيس علاقة عميقة تستوعب طموح الاخوان السلطوي باعتبارهم تيّار حاضر وبقوّة في المجتمعات العربية كوسطاء بين الأمّة والله وكتجّار يتحكمون بمصالح الطبقات الفقيرة المهمشة والمنسيّة في الدول العربية من خلال خدمات بسيطة تساعد الفقراء على فقرهم . وجاءت نتائج الثورات العربية منسجمة تماماً مع نوايا الاخوان الذين حصدوا صناديق الاقتراع بطرق كاسحة ودون منافس واستقطبوا الشارع العربي على اختلاف توجهاته باعتبار أن الاسلام الشعبي هو الحلّ للمسلمين من الاسلام الرسمي ودخلت حركة الاخوان قصور الرئاسات العربية كفاتحين جُدد أو كعائدين لدولة الخلافة بعد اقصاء الخليفة .
لقد سقطت تجربة الاخوان في مصر وانتهى بهم المطاف الى الوقوف في المحاكم لمحاكمتهم بتهم تطال الأمن القومي وبجرائم عديدة وكتب لتجربتهم في تونس أن تستمر بعد الاستفادة من الدرس المصري وهاهم يسيئون المواقف في ليبيا وفي اليمن وينتحرون في فلسطين بطريقة مرعبة لم يقدم عليها أحد من قبل ممن تبوأ مسؤولية الصراع العربي_ الاسرائيلي
ورغم اعتمادهم على التجربة التركية كأنموذج تباهوا به الاّ أنهم لم يتماهوا فيه نتيجة لاحتشاد مفاهيم العقيدة في تجربة الاخوان المصرية المحرمة على غير ملّة أهل الدين التصدي لمسؤولية تُذكر في السلطة والادارة وبالتالي تمّ التنكر لمسؤولية الآخرين من غير الاخوان وحذفهم من مداولاتهم في الحكم .ان خروج اخوان مصر من معادلة السلطة دفع الاخوان الى دعوات الجهاد و مالت حركتهم ميلة واحدة نحو ممارسة العنف والدعوة اليه جهاراً ولم يسلم من دعوتها العنيفة أحد من طلابها حتى أردوغان استعمل العنف كوسيلة ضدّ معارضين له في الساحة الحمراء الاّ أنّه مازال يستعمل أدوات العلمنة للبقاء في السلطة وضمن مساحة تأييد شعبي هائلة وكبيرة هزّت تركيا أتاتورك وهددتها بامكانية الانقضاض على العلمنة باعتبارها أحد صيغ الشيطان في الحكم . الاّ ان التجربة الاخوانية التركية مازالت التجربة المضيئة في سماء الاسلام السياسي والتي وفّرت للطيب رجب أردوغان رصيداً سياسياً وشعبياً أتاح له فرصة التزعَم لمرحلة تلعب فيها تركية لعبة محفوفة بالمخاطر ودوراً طليعيَاً في السلطة والحكم وهذا ما جعل من أردوغان المرشد الأقوى للجماعة والمُدشن لمرحلة جديدة من مراحل حركة الاخوان المسلمين لتتحول تركيا مركزاً للقيادة وللقرار "الاخواني" بعد أن سقطت "مُرشدية " مصر التاريخية في زنزانة رئاسة مُرسي .