ما ان شاع خبر عودة الشيخ سعد الحريري الى بيروت حتى اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومسرور وبين ممتعض ومستنكر، وبكل حال فان هذه العودة تحمل الكثير من المداليل السياسية بالخصوص بعد احداث عرسال وما تبعها من شعور عام في أوساط كل اللبنانيين باقتراب خطر الإرهابيين الذي صار واقعا ملموسا بعد ان كان مجرد احاديث توظف في السياسة هنا وهناك،
وان كان مبكرا هو الحديث عن صفقة متكاملة افضت الى هذه العودة الا ان من الواضح بانها تحمل بذور مرحلة جديدة عنوانها ومؤشراتها هي اقتناع كل الأطراف بان الفراغ السياسي الحاصل في البلد صار يشكل خطرا وجوديا على اصل الكيان وبان الحاجة الملحة الى اللجوء نحو حلحلة سياسية تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن،
لا شك ان وجود الرئيس الحريري في بيروت سيفتح آمال جديدة عند اللبنانيين هم بامس الحاجة اليها ومن هنا يمكن اعتبار هذه العودة هي حاجة عند الجميع وعليه يجب ان لا تُفهم وكأنها تشكل "انتصار " لفريق 14 اذار على حساب الفريق الاخر وعلى حزب الله وجمهوره ان يستوعب أخيرا بان المرحلة لم تعد تتحمل تلك المناكفات الداخلية التي أوصلت في مرحلة سابقة الى اسقاط الحكومة وتأليف حكومة اللون الواحد ولم تجلب على البلد الا الويلات والمزيد من التأزم،
وهنا أيضا يبرز أهمية دور حليف حزب الله الجنرال ميشال عون المطالب بموقف تاريخي يساهم من خلاله عبر تنحيه عن الترشح للرئاسة وتأمين النصاب المفترض للجلسة القادمة من اجل انتخاب رئيس جديد للبلاد، وتحريك عجلة مؤسسات الدولة وهنا أيضا يبرز السؤال الكبير وهو هل سيبادر جنرال الرابية لهكذا موقف بخلفية وطنية محضة ام ان حزب الله سيمارس ضغوطه للوصول الى هذه النتيجة وبالتالي فاننا سنشهد مرحلة جديدة بالعلاقة بين الحليفين،
وان كان الاعتقاد السائد ان شغف ميشال عون بالوصول الى بعبدا لن يسعفه بالاقدام على هكذا خطوة مما يعني ان حزب الله سيكون بين خيارين، وانه سيتخلى حتما عن حليفه المسيحي واستبداله بالحليف السني المعتدل تحت عنوان الحاجة الى مواجهة اخطار المرحلة الجديدة المتمثلة بالإرهابي السني المتطرف، فهل سنسمع من حزب الله خطاب جديد يقول: انا وعون ع الحريري، وانا والحريري ع الغريب؟ هذا ما نأمله .