احتُلّت عرسال . اجتاحها مسلّحو «الدولة الإسلامية»، ثم لحِق بهم مقاتلو «جبهة النصرة» ومسلحو فصائل عدة تدور في فلك «الجيش الحر». سبعة فصائل حوّلت عرسال إلى ساحة معركة، بينها تنظيم «كتائب عبد الله عزام». انخرط فصيلان اثنان في الاشتباك مع الجيش، فيما اكتفى الباقون بالانتشار المسلّح
رضوان مرتضى
حضر تنظيم «كتائب عبد الله عزام» عسكرياً، للمرة الأولى، في عرسال. شارك مسلحون يُدينون بالولاء لهذا التنظيم في اقتحام الكتيبة 83 التابعة للجيش في اليوم التالي لاحتلال المسلحين عرسال. وخلال الاشتباكات والقصف، خسرت «الكتائب» ثلاثة كوادر بارزة. قُتل القيادي «أبو يزن» حميد و«أبو الياس» العرسالي، وثالث تكتّمت المصادر عن هويته.
وللعلم، فإن وجود «الكتائب» لا يقتصر على الأراضي اللبنانية، إذ شارك عدد من عناصرها في الاشتباكات في جبال القلمون. وبحسب المعلومات، للقيادي الفلسطيني توفيق طه المعروف بـ«أبو محمد طه» بيعة في عنق هؤلاء، لكونه «أمير الساحة» في هذا التنظيم الذي يدور في فلك «القاعدة». كما تجدر الإشارة إلى أنّ أحد أبرز القياديين في «كتائب عبد الله عزام»، بلال كايد، كان قد أوقف على حاجز للجيش في عرسال قبل نحو ثلاثة أشهر.
وإلى «الكتائب»، لحق بـ«الدولة الإسلامية» وبـ«لواء فجر الإسلام» كل من «كتيبة بلال الحبشي» و«كتيبة الفاروق» و«لواء درع القلمون» و«أحرار القلمون» و«كتيبة أنصار الشريعة» وبعض أفراد «الكتيبة الخضراء». المسلّحون من كل هذه الفصائل سرحوا ومرحوا في شوارع عرسال وأزقتها طوال الأيام الأربعة الماضية. أقاموا الحواجز للتفتيش وفرضوا حظر تجوّل على المدنيين.
بعد توقيف قائد لواء «فجر الإسلام» «أبو محمد جمعة»، قاد شقيقه «أبو خليل جمعة» هجوماً شارك فيه عشرات المسلحين على حاجز الحصن في عرسال. وشاركت في الهجوم المجموعات التابعة لأمير «الدولة الإسلامية» في القلمون «أبو حسن الفلسطيني»، الذي أصيب إصابة خطرة بقصف الجيش ما لبث أن توفي بعدها بيومين، علماً بأن المعلومات كشفت أن الأخير مكث فترة غير قصيرة في مخيم شاتيلا في بيروت قبل انتقاله إلى سوريا.
وعلى الأثر، وبعد توالي الاتصالات إلى أمير «جبهة النصرة» في القلمون «أبو مالك التلّي» لإبلاغه بالهجوم وبالقصف المضاد، أرسل الأخير مجموعة قوامها خمسون مسلحاً. دخل هؤلاء البلدة بعتادهم الكامل. وبحسب بيان «النصرة» الذي حمل عنوان «معذرةً ... أهلنا في لبنان ما خذلناكم عندما دخلنا عرسال ولا عند خروجنا»، أعاد سرد الأسباب التي «استوجبت» دخول مقاتليها إلى عرسال. وتحدث عن الشرارة الأولى التي انطلقت بمهاجمة مجموعة تابعة لـ«الدولة» حاجزاً للجيش في عرسال ردّاً على توقيف الجيش المدعو «أبو أحمد جمعة» الذي بايع «الدولة» أخيراً، كاشفاً أن هذه المجموعة المعتدية «تخضع الآن لمحكمة شرعيّة مشتركة، وقد تبرأت الدولة الإسلامية في القلمون من فعلها». وبرّر بيان «النصرة» دخول مقاتليها بالقول: «استُنصرنا فلبّينا النداء»، مشيراً إلى أن دخولهم أتى رداً على «ردّ فعل الجيش الانتقامي الذي بدأ بقصف المدنيين وحرق خيم النازحين».
وقد لحق بـ«النصرة» عناصر «كتيبة الفاروق» بقيادة «أبو عمر وردان»، وهو أحد أبناء بلدة القصير. ويتراوح تعداد هذا الفصيل بين مئتين وثلاثمئة عنصر. والتحقت به كتيبة «بلال الحبشي» بقيادة رعد حمّادي والتي يبلغ عديد أفرادها نحو مئة مقاتل، علماً بأنها بايعت منذ عدة أسابيع تنظيم «الدولة الإسلامية» وأميرها أبو بكر البغدادي في تسجيل مصوّر نُشر على اليوتيوب. وكان عناصر هذين التنظيمين قد انسحبوا من القصير بعد دخول مقاتلي «حزب الله» إليها، ومن هناك ذهبوا إلى يبرود قبل أن ينتهي الأمر بهم في الجرود العرسالية والقلمونية. كذلك دخل أفراد من تنظيم «أحرار القلمون» وأقاموا حاجزاً بالقرب من أحد مشافي البلدة. كما شارك في الهجوم على أحد مراكز الجيش عناصر من «لواء درع القلمون»، علماً بأن عديد هذين التنظيمين لا يتجاوز مئتي عنصر. كما سُجّل وجود لعناصر من «كتيبة أنصار الشريعة» التي لا يزيد تعداد عناصرها على الستين، وأن عدداً من مسلّحيها كانوا يتلقون العلاج في مشفى عرسال الميداني. أما في ما يتعلق بأعداد قتلى المسلحين الذين سقطوا، فأكّدت مصادر المسلحين لـ«الأخبار» أنهم لا يتجاوزون قتيلاً من كل الفصائل. فقد سقط للنصرة قتيلٌ واحد، فيما خسرت الكتائب ثلاثة كوادر أساسيين. أما القتلى العشرة الباقون فيتوزعون على باقي الفصائل مجتمعة، إلا أن العدد الأكبر منهم ينتمي إلى «الدولة الإسلامية». وأشارت المصادر إلى أن العدد الأكبر من القتلى كان من المدنيين، علماً بأن معاينة جثث المدنيين كشفت أن بعضهم قضى بشظايا القصف، فيما عُثر على آخرين مصابين بطلقات نارية في الرأس. فضلاً عن بعض المفقودين الذين لم يُعرف إذا ما كانوا مختطفين على أيدي الفصائل المسلحة أو قتلى لم يُعثر عليهم بعد.