هل حان موعد عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري  إلى لبنان؟ هذا السؤال يطرح بقوة في الأوساط السياسية والشعبية على خلفية الأحداث المؤلمة التي شهدتها بلدة عرسال في البقاع الشمالي، لا سيما أن هناك من يرى أن حضوره قد يساهم في التخفيف من حدة التوتر المذهبي القائم على الساحة اللبنانية منذ سنوات، بالرغم من حديث المقربين منه عن أن التهديدات الأمنية لا تزال تمنعه من القيام بهذه الخطوة.
من الملاحظ أن "الشيخ"، الغائب عن الساحة اللبنانية منذ إسقاط قوى الثامن من آذار الحكومة التي كان يترأسها، يحرص في الفترة الأخيرة على الظهور الإعلامي بشكل متواصل، وسجل له في الأيام الأخيرة أكثر من تصريح وبيان يتناول الأوضاع في عرسال، ما يؤشر إلى أن الرجل يدرك أن الأمور وصلت إلى مرحلة تتطلب منه الحديث بشكل مباشر لا عبر من ينوبون عنه عادة من الوزراء والنواب.
في هذا السياق، تشير مصادر نيابية من قوى الثامن من آذار إلى أن هناك من القيادات السياسية، لا سيما رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط، من يرى أن هناك ضرورة تحتم عودة الحريري إلى لبنان بأسرع وقت ممكن، خصوصاً أن الخطر الناجم عن المجموعات الإرهابية بات كبير جداً، وتلفت إلى أن هذه القيادات لا تعتبر أن "الشيخ" قادر على لعب الدور نفسه من الخارج، وتؤكد بأن حضوره الشخصي سيكون له نتائج إيجابية على أكثر من صعيد، خصوصاً أن السبب الأساس لتوسع نفوذ التيارات المتطرفة يعود إلى غياب القيادات المعتدلة الفاعلة على الساحة الإسلامية السنية.
وتلفت هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الأوضاع اليوم مختلفة عما كانت عليه في وقت سابق، ويستطيع الحريري أن يبقى في أحد المقرات التي يرى أنها آمنة كما تفعل القيادات الأخرى، وتؤكد أنّ "أغلب هذه القيادات مهددة، لكنها موجودة هنا تتابع عملها عن قرب، وهو يستطيع أن يقوم بذلك أيضاً"، وتشير إلى أن لدى "الشيخ" أيضاً علاقات أفضل من التي كانت قائمة سابقاً مع كل من "التيار الوطني الحر" و"الحزب التقدمي الإشتراكي"، وتؤكد أنه قادر من خلال الإستناد إليها على القيام بدور كبير في هذه المرحلة الصعبة.
وعلى الرغم من غمزها إلى أن بعض المقربين منه قد يكونون المتضررين الأكبر من ذلك، تؤكد أن اليوم هناك إمكانية لقيام تفاهم ينطلق من الإنتخابات الرئاسية إلى ما هو أبعد من ذلك، ويكون ربما مقدمة لإنهاء الإنقسام القائم منذ سنوات، وعامل مساعد على تحصين الساحة الداخلية أمام الرياح المتطرفة القادمة من المحيط بسرعة كبيرة.
من جانبها، ترفض مصادر في كتلة "المستقبل" الربط بين الأحداث في عرسال وعودة الحريري، وتشير إلى أن رئيس الحكومة السابق هو من يقرر تاريخ العودة المناسب، بعد الأخذ بعين الإعتبار موضوع التهديدات الأمنية الكبيرة التي دفعته حتى الآن إلى البقاء بعيداً، ولا تنفي أن العودة المنتظرة ستكون ذات أهمية كبرى في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة، لكنها تسأل: "ماذا لو عاد "الشيخ" وتعرض لأي إستهداف، من يستطيع أن يقدر تداعيات هذا الأمر على البلاد الجالسة على فوهة بركان؟"
وتوضح هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أن من غير الممكن تحديد موعد العودة اليوم، لكنها ترى أنه قد يكون كبيراً إذا ما كان لبنان مقبلا على تسوية سياسية كبيرة، إلا أنها لا تزال تستبعد هذا الأمر حالياً، حيث تشدد على أن ليس هناك من مؤشرات على ذلك حتى الآن.
في المحصلة، ليس هناك ما يؤشر لعودة الحريري إلى لبنان قريباً، لكن هناك من يرى أن "الشيخ" بدأ بالتمهيد لذلك من خلال مواقفه الأخيرة، فهل تكون بوابة عرسال بديلاً طبيعياً عن مطار دمشق الدولي؟