لم تكن تمدد النار السورية الى لبنان عبر عرسال وجرودها بالامر المفاجئ والغير المنتظرة، فالعشرات من المقالات والتحاليل كانت تحذر من الوصول الى هذه اللحظة، ومن الطبيعي ان قيادة حزب الله حتى، كانت تتوقع حدوث امر كهذا بعد قرار دخوله العلني والمشاركة بالقتال الى جانب النظام على الأراضي السورية، وما كانت دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لتحييد لبنان والذهاب من اجل القتال فقط في سوريا الا كدعوة " استباقية " لما يعرف انها ستؤول اليه الأمور من تدحرج لكرة النار هذه،
الا ان يقين حزب الله بهذه الحقيقة لم تشكل عنده رادعا ولم تحول دون اقدامه على خوض مغامرة تاريخية متكئا أولا وأخيرا على قوته الذاتية وقدراته العسكرية معتبرا انه يستطيع حسم المعركة وتثبيت نظام حليفه وبالتالي القضاء على أي خطر يهدد لبنان او طريق امداده الذي اطلق عليه تسمية " ضهر المقاومة "
الا وقد وقعنا بالمحظور وتخطت المعارك "الحدود" اللبنانية التي انتهكها حزب الله ومحى آثارها واصبحنا بعد الاشتباكات التي تخاض الان بين بيوت أهالي عرسال في مرحلة جديدة اكثر خطورة واعظم اثرا علينا، ولعل الخطر الأعظم هنا لا يكمن بعدد الضحايا الذي سقطوا ويسقطون ان من أهلنا المدنيين او من جنودنا الابطال في الجيش اللبناني بل الخطورة كل الخطورة انما تكمن في الذهنية نفسها التي يخوض فيها حزب الله حربه والعقلية ذاتها التي دخل فيها اتون هذه الحرب مع مستجد اكثر خطورة وهو توريط الجيش اللبناني كعامل مساعد له في معركته، هذا التوريط للجيش مترافقا مع حملة إعلامية يحاول فيها التذاكي مرة جديدة على اللبنانيين عبر تحويل النقاش السياسي والإعلامي الى مغالطة سمجة تقسم اللبنانيين بين مؤيد للجيش من جهة او معارض له من جهة أخرى، والقفز عن النقاش الحقيقي في الأسباب التي أدت الى ما نحن عليه، وعن الأسلوب الاجدى في حماية الوطن،
لان الوقوف الى جانب الجيش اللبناني هذه المؤسسة الوطنية المتبقية لنا، واحترام تضحيات ودماء ضباطه وجنوده لا يمكن ان يكون استنسابيا ولا يجب ان يكون محط نقاش حتى، ولا مجال فيه للمزايدات وتسجيل النقاط السياسية، وانما يكون فقط بالاعتراف العملي والتسليم بكامل دوره الحقيقي كحامي مطلق للوطن،
والا فلا معني للطلب من الجيش اللبناني بحماية عرسال فيما يقوم اخرون بحماية الهرمل او أي منطقة حدودية أخرى، وهنا ننبه للمرة الالف كل القيادات السياسية والأمنية بالبلد الى خطورة ما نحن قادمون عليه، وانه لا مجال البتة للالاعيب السياسية والأمنية، واخص بالذكر قيادة الجيش ، واطالبها بموقف تاريخي تنقذ فيه ليس الجيش فقط وانما كل الوطن، من خلال العمل والمطالبة الواضحة والصريحة والنهائية، باستعادة دوره كحام اوحد للحدود اللبنانية وما يترتب على هذا الامر من ضرورة ترسيم لهذه الحدود، اذ من غير المنطق الطلب الى الجيش بحماية حدود وطن غير موجودة، ولا مبرر للاعتذار بضعف الإمكانيات في ظل توفر احتمال تمديد مفاعيل القرار 1701 ليشمل كامل حدودنا الغربية، والا فان أي خطوة دون هذا السقف سيكون لها تبعات يمكن ان تهدد ما تبقى من اصل وجود هذا اللبنان لانه سيجعل من جيشه مجرد ضحية لوطن ،،، بلا حدود .