بعد مرور عشر سنوات على تأسيسه، يعقد «الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين»، والذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي، مؤتمره العام الرابع في اسطنبول ما بين 20 و22 آب الحالي، وسيركز المؤتمر على دور العلماء في النهوض وإشكالية الهوية، كما سيتم على هامش المؤتمر انعقاد الجمعية العامة للاتحاد وانتخاب مجلس أمناء جديد، حيث تتوقع بعض الأوساط الدعوة لاختيار رئيس جديد بدلاً من الشيخ يوسف القرضاوي، إن بسبب ظروفه الصحية أو نظراً لمواقفه في السنوات الثلاث الماضية والتي أدت الى ادخال الاتحاد في صراعات سياسية وحزبية وإقليمية ودولية وأدت لابتعاد عدد من الشخصيات الفاعلة في الاتحاد عن نشاطاته، خصوصاً نائب الرئيس الشيخ عبد الله بن بيه وعلماء آخرين.
وستتركز اعمال المؤتمر على النقاط التالية: دور العلماء في القضايا الفكرية وترسيخ منهج الوسطية والتجديد العلمي، دور العلماء في الحفاظ على الهوية وفي قضية فلسطين والقدس، كيفية استثمار الإعلام لخدمة قضايا الأمة، عملية ضبط الفتاوى وترشيد الخطاب الإسلامي، التعليم الديني وواقع المؤسسات الدينية، الواقع القانوني الدولي في الامة الاسلامية.
وقالت مصادر علمائية مشاركة في أعمال الاتحاد «إن انعقاد المؤتمر الرابع للاتحاد في هذه الظروف الاستثنائية، يشكل فرصة مناسبة لمراجعة أداء الاتحاد ورئيسه الشيخ القرضاوي خلال السنوات العشر السابقة، وبالأخص خلال السنوات الثلاث الأخيرة وبعد الثورات العربية».
وأشارت المصادر الى وجود ملاحظات اساسية على أداء الاتحاد ينبغي بحثها، ومنها:
اولاً، كيفية الحفاظ على الدور الوحدوي الإسلامي للاتحاد وعدم التراجع عن هدفه الأساس في هذا الإطار، لكونه اتحاداً لجميع العلماء المسلمين ومن كل المذاهب وهذا يقتضي عدم الدخول في صراعات مذهبية بين فترة وأخرى لأسباب سياسية.
ثانياً، الابتعاد عن المواقف الحزبية وعدم الانخراط المباشر في الصراعات التي تخوضها بعض القوى الحزبية، خصوصاً «الاخوان المسلمين» حتى لا يتحوّل الاتحاد الى ناطق باسم الاخوان ولأن الاخوان لديهم مؤسساتهم الإعلامية والتنظيمية، على أن تقتصر مواقف الاتحاد على القضايا التي تهمّ الأمة بشكل عام من دون الدخول في التفاصيل السياسية والانتخابية والحزبية وتحديد المواقف من شخصيات معينة سلباً أو إيجاباً.
ثالثاً، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفي الصراعات السياسية المباشرة، وأن يحرص الاتحاد على المواقف التي تعزز الوحدة الداخلية لكل الدول ووحدة الأمة الإسلامية والعربية ورفض التقسيم.
رابعاً، ضرورة التصدي المباشر والواضح لكل اشكال العنف والتطرف باسم الاسلام وعدم إيجاد أي تبريرات للعنف، والعمل لإصدار المواقف والفتاوى الواضحة وغير الملتبسة من كل الأعمال التي تسيء للدين الإسلامي.
خامساً، الوقوف على مسافة واحدة من الأطراف الداخلية في أي بلد وعدم التحول الى فريق، والاقتصار على الدعوة لرفض الظلم والاضطهاد ومواجهة التدخلات الخارجية، ورفض تبرير الاستعانة بالقوى الخارجية لإنهاء الصراعات الداخلية وعدم تغطية اي تدخل خارجي في أي بلد لأي سبب كان.
سادساً، اعتماد الشورى والعمل الجماعي في الاتحاد ومؤسساته، وعدم الخضوع لوجهة نظر واحدة بغض النظر عمن يطرحها، والسعي لإعادة التوازن في مؤسسات الاتحاد وإشراك جميع الأطراف والتنوّعات المذهبية والجغرافية، وعدم المسارعة في إصدار المواقف قبل التحقق من المعطيات الميدانية.
سابعاً، الفصل بين مواقف رئيس الاتحاد ومواقف الاتحاد، بحيث لا يتحمل الاتحاد أية مواقف او اجتهادات شخصية.
ثامناً، إيجاد الآليات والوسائل للتعاون والتنسيق مع بقية المبادرات الوحدوية في العالم العربي والإسلامي وعدم الدخول في صراعات المحاور.
واعتبرت المصادر العلمائية أن انعقاد المؤتمر الرابع للاتحاد وجمعيته العمومية يشكل «الفرصة المناسبة لمراجعة دور الاتحاد سابقاً وخلال العشر السنوات الماضية، ولوضع رؤية جديدة ومستقبلية للمرحلة المقبلة كي يتحول الاتحاد من مجرد منبر لإصدار المواقف والبيانات الى مؤسسة ناشطة وفاعلة لمعالجة الأزمات والخلافات عبر التواصل المباشر مع كل الجهات المعنية.
فهل سيتجاوب اعضاء الاتحاد وقيادته الحالية، خصوصاً رئيسه الشيخ القرضاوي، مع هذه الملاحظات؟ ام ستبقى الامور على ما هي عليه مما يفقد الاتحاد دوره التوحيدي ويتحول الى مجرد واجهة دينية لـ«الاخوان المسلمين» وبعض المحاور السياسية والإقليمية والدولية؟
قاسم قصير