ألا ليتَ يوم العيد لا كان إنه.....يُجدِّد للمحزون حزناً فيجزع...
تستطيع الدول الإسلامية والحوزاوت الدينية أن تعلن بالوجه الشرعي بحسب مرصدها المعتمد وتستطيع أن تطلق قذيفة مدفع الإفطار إحتفالاً بيوم إعلان العيد ، لكن فرحة العيد مرهونة بالناس بما يفعلونه ويمارسونه في هذ اليوم لأنه إحتفال بالتحرُّر من الحرمان والعطش والجوع ، والإنسان الحر يخسر حريته أمام معاناة الحرمان والفقر والسيطرة والقوة المفروضة على مصيره ومستقبله ، لأن المجتمع الذي يريد أن يحرِّر إنسانه من الهيمنة والإقطاع الديني والسياسي يحتاج إلى أن يحرِّر مواطنه من الحاجة والعوز والفقر والجوع والجهل والتخلُّف..فالمواطن المسلم يعيش في دولة خفية وأحزاب ظاهرة مسيطرة على حريته وقراره ، فالمواطن الذي يعيش تحت أسوار المدن وتحت حراسة الاحزاب لا يمكن له أن يملك عيداً..هكذا تعلن المراصد الحزبية والدول الإسلامية يوم العيد ونحن نعيش في ظلام دامس وحروب دامية في بلاد الإسلام بين المسلمين أنفسهم ونعيش في جوٍّ مفعمٍ بالغموض في حياتنا ومصيرنا وآداب سلوكنا...كيف يكون عيداً ونحن لا ندفع ظلماً عن المظلومين ونسعى لدرء الفتنة التي تعيشها أمتنا الإسلامية..كيف يكون عيداً ودماء المسلمين تجري كالأنهار ، كيف يكون عيداً ونحن لا نستطيع أن نجمع شيئاً لسدِّ حاجة المريض والفقير والمهجَّر من دون أن نقيم حفلاً برعاية دولة رئيس أو برئاسة حاكم أو بتمثيل مرجع أو حتى شرطي في حزب أو تنظيم أو جمعية أو تيَّار ننشر في مديحه القصائد والنثر الطِوال والخطب الرنَّانة في المديح والثناء..كيف يكون عيداً وفي بلادنا الإسلامية والعربية يسلك المواطن ألف سبيل وطريق للحصول على رغيف خبز ليسدَّ حاجته وحاجة عياله..فأصبح المواطن المسلم يعيش في يوم عيد تجاري لا يوم عيد ديني وأخلاقي، فمن هم الذين سيعيدون ويفرحون هم الزعماء وأبنائهم والأغنياء والنواب والوزراء ومسؤولي الأحزاب والمترفين ونساؤهم وأولادهم وأصهرتهم من الدينيين والسياسيين ، أما الأرامل والأيتام والمشرَّدون فلهم الحسرات والتنهدات والويل والثبور وعظيم الأمور.. وللمتزعمين على الناس باسم الدين فلهم الأكل والقصور والخدم والسيارات وللفقراء والمهجرين الجوع والعطش والأجساد العارية والأكواخ وحرارة الشمس والشوارع والرمال والطرقات والموت بإسم الدين والجهاد فلهم الدَّهس والدعس والسبُّ والشتائم..إنَّ العيد الحقيقي ليس هو اليوم التي تحدِّده السلطة والمرجعية الدينية بل هو في كل يوم ينشده المواطن المسلم ليفتح عينيه في وطن يعمه السلام والعدل والنعمة والحرية ويتحرَّر من كل القيود التي فرضت عليه من الأحزاب الدينية وشمولية الحزب الواحد والقوى المسيطرة على مقدَّرات الشعوب ، إنه عيد له فرحة ملموسة في أرض الواقع وليس مجرَّد مناسبة تاريخية للإحتفال بواقع آخر..ولهذا السبب إختار الله تعالى العيد من خلال أشهر السلام والتي تسمى بأشهر الحرم..في يوم العيد لا نريد أن نعيش في الأحلام العقيمة والسقيمة ونسعد بأننا مسلمون وحسب ، بل علينا أن نكون سعداء في أوطاننا ونتعاون جميعاً على حبِّ وخير الوطن حتى يكون مجتمعنا في أمنٍ وأمان من القتل والتهجير والمرض والخوف والجوع والجهل ، وما كان ربك مهلك القرى وأهلها مصلحون....
.الشيخ عباس حايك