وعلى عكس الايام الاولى للهجوم البربري الذي تشنها الالة العسكرية الاسرائيلية، فقد امتلأت فجأة صفحات ومواقع ابناء حزب الله بفيض من الاحاسيس والمشاعر الانسانية، وشلالات من التضامن والحزن على اطفال ونساء غزة
هذه المواقف التضامنية التي ظهرت بقدرة قادر والتي كانت غائبة بالفترة الاولى على الرغم من هول المشاهد التي كانت تأتي حينها من غزة ايضا، الا انها لم يكن لها اي اثر او اي ردة فعل من المفروض ان تكون طبيعية، هذا ان لم نقل ان البرودة التي كانت سائدة حينها واللا مبالاة المصحوبة بشيء من الشماتة هي التي كانت سيدة الموقف حيث كان اصحابها يعبّرون عنها وبشكل واضح نتيجة للخلاف السياسي مع حركة حماس والناتج عن موقف هذه الاخيرة من الاحداث في سوريا وخروجها من المحور الايراني
ومن الواضح ان قيادة الحزب حسمت خيارها "التنظيمي " اخيرا وقررت ركوب موجة التضامن مع اهل غزة والوقوف الى جانب حماس بكونها تخوض حربها القاسية مع العدو الاسرائيلي، وان كنت هنا لا اريد الخوض بخلفية هذا القرار وابعاده وهل هو نتاج للاحراج الكبير الذي اصاب قيادة الحزب بصفته حامل لواء مقارعة اسرائيل ولو من السلسلة الشرقية لجبال لبنان ومن داخل ازقة دمشق او هو حقيقة نتاج قناعة وانسجاما مع طروحاته وادعاءاته
وانما اكثر ما لفتني في هذا الصدد هو تأثير القرار الحزبي ليس فقط على الموقف السياسي لابناء الحزب وانما يطال حتى المشاعر والاحاسيس، فبقرار تنظيمي يصبح مشهد جثث الاطفال والنساء والقتلى في غزة عبارة عن مأساة انسانية تدمى لها القلوب بالخصوص بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين السيد نصرالله و" الخائن " خالد مشعل، فيما نفس هذه المشاهد بل وافظع منها بدرجات لا تهتز لاحد من ابناء الحزب له جفن عندما تكون هذه المشاهد قادمة من سوريا،
وهكذا عندما تتحول المشاعر الانسانية والاحاسيس البشرية الى مجرد انعكاس خارجي تمليه المصلحة الحزبية فانها تفقد حينئذ قيمتها الحقيقية ولا تغدو اكثر من فققاقيع للتوظيف السياسي ولا علاقة لها ابدا باي مضمون سامي ولا اي محتوى فطري
ومن هنا يمكن ان نفهم هذه الظاهرة العجيبة التي تنبيء عن اناس هم اقرب ما يكونوا الى ادواة حزبية متحركة منهم الى بشر طبيعيين يملكون هامش من الاستقلالية ويعبرون عن خلجات احاسيسهم بصورة تلقائيه، ومن هنا ايضا يمكن ان نفهم هذه الازدواجية بالمعايير