احيى المؤمنون ليلة امس ذكرى استشهاد امير المؤمنين علي بن ابي طالب ( ليلة 21رمضان سنة 40 هجري )، الذي يروي التاريخ بانه قد تعرض لعملية اغتيال غادرة وهو ساجد في محرابه يصلي الفجر في مسجد الكوفة، وتقول الروايات بان مجموعة من ثلاثة اشخاص من الخوارج بينهم اللعين ابن ملجم، قد اتفقوا بينهم على قتل كل من معاوية بن ابي سفيان وعمر بن العاص وعلي، ففشل الاولان فيما نجح الأخير بجريمته،
ومعلوم بان هذه الجريمة الكبرى انما قامت على خلفيات فكرية منحرفة واقدم عليها مرتكبها تحت تأثير اعتقاد ديني ممسوخ مبني على فكرة التكفير للمخالف مما سمح لحامله باستباحة دماء خليفة رسول الله، وصحابي عظيم بحجم علي بن ابي طالب،
وبكل اسف فان استحضار الاحداث التاريخية هذه الأيام، واسقاطها على الواقع هي واحدة من الإشكاليات الكبرى التي تدفع مجتمعاتنا اثمانها الباهظة، خاصة انه يتم استعمال هذه الاحداث التاريخية بشكل مغلوط ووفقا للمآرب السياسية لكل فريق من الافرقاء، وعليه فان من الواضح اننا نتعرض الان لاكبر عملية تزوير للحاضر ، ولابشع عملية توظيف لتلك الاحداث ولتلك الشخصيات التاريخية والاختباء خلفها زورا وبهتانا مترافقا مع ادعاء موهوم بان كل فريق من الفريقين انما هو تابع او موالي لواحدة من هذه الشخصيات
وهنا اجد لا بد من ملاحظة ضرورية يجب على كل مسلم ان يتوقف مليا عندها، ولان المناسبة هنا هي مناسبة علي بن ابي طالب، فالملاحظة موجهة الى " شيعته " وهي التفريق الجذري بين ان تكون محبا للامام علي وبين ان تكون تعرف علي بن ابي طالب وبالتالي تعمل وفق ما تعرفه عنه، لانه من الممكن جدا ان تكون من محبي الامام علي الا انك بالممارسة تكون من اتباع غيره وانت لا تدري، وهذا الحب المسلوخ عن المعرفة ما هو الا سراب تحسبه حبا، ومن هنا جاء الحديث ( من مات ولم " يعرف " امام زمانه، مات ميتة الجاهلية )،
ولان ضيق المجال هنا لا يتسع الى محاولة التعرف سوية على الامام علي(ع) فكان لا بد من ذكر بعض القواعد التي ارساها وبعض المفاهيم علها تكون بمثابة مؤشر يحدد بعدنا او قربنا عن الامام
- لا تبدأوهم بقتال حتى يبدأوكم ،،
- لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تفتحوا بابا مغلقا ،،
- احبب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها
- ولا تظلم كما لا تحب ان تظلم، واحسن كما تحب ان يحسن اليك
- اعلم ان الاعجاب ضد الصواب وآفة الالباب
- الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق
- والله ما آمن من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم
هذا غيض يسير جدا من فيض وصايا علي بن ابي طالب، وما جاء عنه من روائع الارشادات الإنسانية التي تٌجسد كما جسدها هو بسلوكه ارقى معايير العدالة الاجتماعية واحترام الاخر وبالأخص المعارض له والذي لم يكن الامام يمنعه رغم الاعلان عن معارضته للامام من كامل حقوقه المالية ( الفيء) بل والسماح له بممارسة نشاطه الاعتراضي كاملا ( لا امنعكم عن مسجد .. )، بل واكثر من ذلك فقد حث عليه السلام على انشاء المعارضة ( ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، فانه من استثقل الحق ان يقال له او العدل ان يعرض عليه كان العمل بهما اثقل عليه فلا تكفوا عن مقالة بحق او مشورة بعدل .. )
وعليه فعند مراجعة سريعة لمنهج علي بن ابي طالب وسلوك علي بن ابي طالب وتعاليم علي بن ابي طالب والمواصفات المطلوبة للانتساب الحقيقي الى فريق علي بن ابي طالب،، تكاد تستحضرسريعا مقولة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب متوجها بها الى الامام علي : لو جئت اليوم لحاربك الداعون اليك ...