ما كان علينا انتظار الرد الرسمي لحركة حماس على المبادرة المصرية، كي نعرف ان الحركة سترفض بالتأكيد هذه المبادرة، حتى ولو كان فيها بعض من العناصر مما يرضي شروطها . فالحركة لن تقدم على إعطاء هدية للرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي ، ومنحه هذا الثقل السياسي في الداخل والخارج، في الوقت الذي نرى كيف يناصب نظام السيسي العداء لحركة حماس ، وكيف غض الطرف عن الجرائم الاسرائيلية بحق قطاع غزة لسبعة ايام كاملة، قاطعا عن الحركة أنبوب الأوكسيجين الوحيد المتمثل بأنفاق سيناء ، ومصنفا إياها كمجموعة إرهابية ، بل واكثر من ذلك ، فقد قام الاعلام المحسوب على نظام السيسي بشيطنة المقاومة الاسلامية  وتحميلها مسؤولية العدوان الاسرائيلي . 
ومن يتمعن في الشروط التي وضعتها "حماس" من اجل التهدئة ووقف اطلاق الصواريخ التي استطاعت ان تطال بعد ظهر امس مطار"نيفاتيم" الواقع في واحدة من اهم القواعد العسكرية الجوية في وسط الكيان الصهيوني، يلاحظ ان الحركة تقدّم نفسها في موقع من القوة لا يستهان به ، قياساً بحجم الآلة العسكرية المدمرة التي تواجهها . فليس قليلاً ان تسقط الصواريخ على عسقلان بالتزامن مع الجولة التي كان يقوم بها في المدينة ، وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان مع نظيره النروجي . 
حركة حماس وبحسب ما تتطابق مصادر المعلومات الاسرائيلية والفلسطينية، وضعت عشرة شروط من اجل تهدئة تدوم حتى عشر سنوات، من بينها تحويل معبر رفع الحدودي مع مصر الى معبر دولي برقابة دولية من الامم المتحدة ودول عربية صديقة ، وهو الامر الذي لا يعتقد ان مصر " السيسي" التي لم تعد ترى فيها حركة حماس انها تمثل الوسيط العادل - ستوافق عليه - . 
وُينقل عن مصدر فلسطيني مقرّب من حماس ، ان الاخيرة رفضت المبادرة المصرية لانها خالية من المضمون، وهي أتت لتصب في صالح اسرائيل ، كما انها اطّلعت عليها من وسائل الاعلام ولم تصلها من القنوات المصرية المفترض انها تعمل على خط التفاوض . 
و يقول المصدر عينه ان نظام السيسي يريد ان يقدم المكاسب لإسرائيل التي سارعت الى اعلان التزام احادي الجانب بالمبادرة، ويريد إظهارها امام العالم انها في موقع الضحية التي تدافع عن نفسها . ويشيرالمصدر الى ما كشفه "رون بن يشاي" أحد أكبر المحللين العسكريين في إسرائيل، الذي اكد أن القاهرة ما كانت لتعلن عن هذه المبادرة رسميا ، لولا موافقة إسرائيل عليها بشكل مبدئي .
فإسرائيل يقول  ًيشايً رحبت بالمبادرة المصرية من منطلق إدراكها أنها ستخرج رابحة سواء وافقت عليها حماس أو رفضتها، ففي حال وافقت عليها ، سوف يتحقق لها توقف اطلاق  الصواريخ التي كبدتها خسائر فادحة، ودفعت بأكثر من 4 ملايين إسرائيلي إلى الاحتماء بالملاجئ، ونشر حالة من الرعب داخل المجتمع الإسرائيلي، اضافة الى الخسائر الاقتصادية، وتحديدا في مجال السياحة.  فإسرائيل ومع التوترات الأمنية في مصر وسيناء ، نجحت في اجتذاب حصة كبيرة من السياح الأجانب الذين كانوا يتوجهون الى مصر في السابق، ومع وصول صواريخ المقاومة إلى أعماق إسرائيل انهارت نسب الإشغال في الفنادق، وهرب السياح، وألغى الوافدون حجوزاتهم، للدرجة التي دفعت بارباب القطاع السياحي الإسرائيلي للقول إن العام السياحي 2014 في هذا الكيان قد انتهى فعليا . 
وفي حالة رفض حماس ، وهو ما حدث بالفعل ، سوف تحصل إسرائيل على شرعية دولية لمواصلة عدوانها – بل وتصعيده - على غزة ، وترفع الحرج عن نفسها في ارتكاب مزيد من المجازر، على اعتبار أنها تحمي سكانها من صواريخ المقاومة، وأنها سبق أن وافقت على تهدئة رفضتها حماس، ومن ثم فلا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي .