يعتبر شهر رمضان ؛ رغم أنه شهر عبادة , في مفهوم الدراما العربية هو شهر عرض المخرجات للدراما العربية والتي هي جزءٌ حي من المشهد الثقافي العربي ومؤشرٌ على إنفعالاته وتوجهاته ومجموع أحاسيسه نحو حاضرة وواقعه وماضيه , والدراما هي جولةٌ في الخيال العربي وإنفعالاته وتوجهاته وتجلياته وأحاسيسه , وشرفة نتطلع منها إلى فهم الإحساس الجمعي.
وفي عصر « الربيع العربي « نفترض أننا عبرنا بجموحنا العربي إلى عتبةٍ أخرى وكوةٍ جديدة ..لنرى أن البؤس لا زال يخيم على واقع الدراما فالمسلسلات المصرية – مثلاً – إستغرقت في نقل ملامح المجتمع المصري الذي يعتاش على الهامش مستقيةً من قصص العشوائيات والهامش مفرداتها , دون الخوض في العمق والبقاء على السطح ناقلةً الألم الذي هو أعمق من البعد السياسي و الإجتماعي ويتجاوزه إلى تراكمات القاع ؛ حيث المهمشين الذين لا زالوا عبئاً على المدنية العربية وباقي المجتمعات العربية ليست ببعيده عن هذه الحالة ففي رحلة تحولها للمدنية عانت المجتمعات من تشوهات عميقة ؛ فلربما أن المدنية مع كل مسير للزمن تشكل مشكل كبير في اللاوعي العربي ويعبر عنها المفارقات الطبقية والإكتظاظ بين مكونات المجتمع العربي ؛ وهذه علة كبيرة يمكن ملاحظتها من نظرة للدراما العربية التي إستفادت كثيراً من هذه المفارقات إجمالاً !
وفي الحديث عن الدراما ننظر إلى « الفنتازيا « التاريخية والتي يتصدرها مسلسلي « سرايا عابدين « و « باب الحارة « , فالأول يتطلب وقفة عن مفهوم التاريخ في الدراما العربية إن كان لا بد من إستحضاره , ومحاولة كاتبة المسلسل البقاء ضمن خانة لطالما تجاوزها المؤرخون وهي : السلطة والجارية , ووضوح الإنفصام عن الإطار التاريخي وحيثياته خصوصاً أننا أمام إنتاج ضخم كان من الممكن الإستفادة منه بقدرٍ أكبر ليدرك المواطن العربي بأنه يملك تاريخاً متشابكا أثر فيه وفي تكوينه الحاضر , بل وبقي رافداً في سلوكه السياسي كمتأثر ومستجيب .
ولماذا لا زال الإصرار عند كثير من كتابنا على تشويه صورة السلطة وتسويدها وتقزيمها في عيون القراء والمتابعين ؟ ؛وعدم توضيح « تاريخانية « الحدث بعد سلخه عن ظرفه ويتقاسم مسلسل باب الحارة في موسمه الجديد مع مسلسل سرايا عابدين هذه السمة وبما يسهم بزيادة التجهيل بالماضي ورسمه على أنه ماضٍ بسيط أبطاله سهلين المنال , فكيف ذلك وأننا نتعامل مع مجتمعات ماضوية بطبعها , أي تحن إلى ماضيه وتعتبر القادم منه مثال دون دراسه وتمحيص ,
لنرى أن الدراما في هذا الباب تسهم في زيادة التجهيل , هذا إن كنا نتطلع إلى الدراما على أنها جزء من روافع ثقافية تسهم ببناء الوعي والعقل العربي الذي يذهب بعيداً عن حاضره في خيالٍ سلبي .. لحاضرٍ أكثر سلبية !
سامر محمد العبادي
عن الدراما العربية برمضان : سامر محمد العبادي
عن الدراما العربية برمضان : سامر محمد...لبنان الجديد
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
585
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro