طغت المحادثات في مرحلتها النهائية بين ايران والدول الست ( الدول الخمس الدائمة العضوية زائد المانيا ) والتي تنتهي مهلتها الاحد المقبل من اجل ابرام اتفاق نهائي حول الملف النووي الايراني على الاحداث المأسوية في غزة نتيجة مواصلة اسرائيل عملياتها العسكرية، كما تفوقت على تطورات تقدم تنظيم داعش في مناطق سورية واستمرار المأزق العراقي. يستقطب تمديد مهلة التفاوض باهتمام المتابعين علما انه كان احتمالا مطروحا منذ التوصل الى الاتفاق المبدئي بين الدول الست وايران في تشرين الثاني الماضي حيث جرى الحديث عن تحديد موعد 20 تموز الجاري للتوصل الى اتفاق نهائي، لكن من دون نفي احتمال حصول تمديد حتى نهاية سنة 2014. وهذا التمديد في احتمالاته المتعددة يشمل السياسيين والديبلوماسيين نظرا الى مترتباته وانعكاساته المتعددة خصوصا على مستوى السياسة التي تتبعها ادارة الرئيس باراك اوباما في المفاوضات مع ايران وموقف الكونغرس منها، وما اذا كان الاتفاق سيكون لمدة قصيرة محددة بحيث يبقى ممكنا قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي في تشرين الثاني المقبل وتأثيره على التصويت للديموقراطيين في ضوئه. كما تتم متابعته على مستوى الاحتمالات في داخل ايران فضلا عن المخاوف من تصدعات في موقف الدول الغربية من ايران بالذات في حال كان التمديد طويلا وعلى خلفية خلافية عميقة وغير تفاؤلية بان التمديد حاجة لانجاز اتفاق قريب وليس لعقم المضي به او لصعوبة التوافق وعدم امكان حصوله. اذ ان لتمديد التفاوض اسئلته التي يثيرها ايضا شأنه في ذلك شأن النجاح في ابرام اتفاق مع انتهاء المهلة المحددة بـ20 الجاري، ان لجهة تبدل العلاقات بين ايران والمجتمع الغربي ولاسيما الولايات المتحدة او لجهة ارتباط البدء في فتح حوار مختلف مع ايران حول دورها ومواقع تدخلها في منطقة الشرق الاوسط ودولها بعد الانتهاء من المفاوضات على الملف النووي.
ما يعني مراقبين سياسيين وديبلوماسيين في لبنان في هذا الاطار هو ما اذا كان تمديد مهلة التفاوض وسقوط الرهان على اتفاق نهائي على الملف النووي الايراني يوم الاحد في العشرين من الجاري يعني سقوط مهلة اخرى حددها مسؤولون لبنانيون كثرعلى نحو غير معلن لفك اسر الاستحقاقات اللبنانية وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية. بمعنى هل يعني تمديد مهلة التفاوض انه سيكون هناك تمديد اضافي لفترة الانتظار او ايجاد ذرائع اضافية لعدم الذهاب الى انتخابات رئاسية مرتقبة من حيث المبدأ في ايلول وفق ما يروج في عدد من الاوساط السياسية، باعتبار انه سيتضح عندئذ الافق في المنطقة على ضوء الاتفاق مع ايران حول ملفها النووي ؟
ويعود هذا التساؤل الى واقع انه اذ ليس خافيا الاعتقاد الشائع بان كل ملفات المنطقة من سوريا الى لبنان وحديثا الازمة في العراق تنتظر انتهاء المفاوضات حول الملف النووي الايراني في ظل شيوع معلومات قالها المسؤولون الاميركيون ورددها المسؤولون الايرانيون ايضا من انه لم يتم البحث مع ايران في المسائل المعقدة في المنطقة، وان التركيز يتم على الملف النووي وحده من دون سائر المسائل في انتظار انتهاء المفاوضات على الملف النووي والذي سيفتح الباب في حال الاتفاق حوله الى بحث في مواضيع اخرى. وربط الاستحقاقات اللبنانية بالاستحقاقات الخارجية بدءا من انتظار انتخاب بشار الاسد الى انتهاء الازمة العراقية حديثا والى انتهاء المفاوضات حول الملف النووي الايراني يستهجنها رؤساء بعثات ديبلوماسية في بيروت يرون عقم الرهانات السياسية في لبنان على استحقاقات خارجية كان اخر ما سمع منها بعض هؤلاء انتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية التي تصادف بعد سنتين او انتظار الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي في الخريف المقبل او نتائج محادثات ايرانية سعودية ليست ظاهرة في الافق حتى الآن او نتائج المفاوضات على الملف النووي الايراني. لكن، وفيما تبدو كل الرهانات على الاستحقاقات الخارجية وهماً بالنسبة الى هؤلاء المراقبين، فان هناك اعتقادا بان موضوع فتح حوار مع ايران من اجل تسهيل الامور في المنطقة ومن بينها لبنان قد يكون او لا يكون كذلك وفق ما يقول هؤلاء نظرا لارتباط الاحتمالين بجملة اعتبارات تتصل بمسائل اقليمية. لكن هناك اقتناعا راسخا بان عرقلة او بالاحرى عدم تسهيل حصول انتخابات رئاسية مرتبط الى حد كبير بالاجندة الايرانية وعبرها من خلال "حزب الله"، ولو ان هناك افرقاء آخرين يتحملون المسؤولية ايضا وبنسب مختلفة.
هل يستطيع لبنان انتظار فتح حوارات حقيقية في المنطقة ام ان الاتصالات التي تجرى على هامش المفاوضات يمكن ان تساعد في حلحلة العقد التي تعترض طريق استحقاقاته؟ البعض يقول انه يستطيع الانتظار ولو بالحد الادنى من المقومات، في حين يرى اخرون ان ثمة مخاطر جدية باتت متزايدة وتزيد الوضع سوءا على ما كان عليه قبل اشهر، بحيث ان الاسباب التي حتمت تأليف الحكومة بعد عشرة اشهر من العرقلة تحتم تلاقي الارادات الخارجية الاقليمية على مساعدة لبنان مجددا.