" أن الإشارة قد خرجت من البيت الأبيض لتنفيذ حرب الخليج الثالثة التي يكون فيها طرفا الصراع الأنظمة الحاكمة وشعوبها، كاستمرار لتنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة في الإقليم "
هكذا كتبت نصاًمنذ أربعة أشهر تقريبا فى مقالة "حرب الخليج الثالثة" و التى ينصح بقرائتها مرة أخرى الان بعد الاحداث الاخيرة بخليجنا العربى، فبالامس كتبنا ما يحدث اليوم، و اليوم نستقراء ما سيحدث غدا .
بالفعل فى غضون ساعات قليلة قد ترجمت الاشارة الى فعل على أرض الواقع، و بدء تصوير اولى مشاهد الفوضى بالكويت بفضل المدعو " مسلم البراك " او " مسيلمة الكذاب " أن صح الاسم و التعبير، فبتطاول " البراك " على رجال الدولة و رموزها و على رأسهم رجال القضاء و فى مقدمتهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار " فيصل المرشد " كان ذلك نقطة أطلاق شرارة الفوضى بالكويت . فذلك " البراك " المحبوس عشرة ايام على ذمة التحقيق يقوم بتصوير أهم مشهد فى صناعة الفوضى الا و هو مشهد المناضل المضطهد، فكل ما يقوم به ليس صدفة او من ارادته الحرة، و لكن ما قام به هو عمل ممنهج لتشويه صورة الكويت أمام الرأى العام العالمى، و لكى يكون ذلك مادة خام جيدة لمناقشة أوضاع الكويت الداخلية فى وسائل الاعلام العالمية، و هذا كان بالتزامن مع الحراك الاخوانى فى الشارع الكويتى لكى يتم تصوير ذلك على أنه ثورة ضد نظام قمعى، بعد ان أعتمد الاخوان فى أستراتيجية الحراك الداخلى الحشد و التظاهر بثلاث مناطق متفرقة لتشتيت أجهزة الأمن و هم الجهراء والصباحية و التمركز بنقطة الفوضى الرئيسية بمنطقة صباح الناصر، التى يحاول الاخوان تسويقها خارجيا على أنها رمز الثورة الكويتية، على غرار ميدان التحرير بالقاهرة و ميدان الاستقلال بكييف، و بتأكيد لم تكن مسيرات الاخوان بالكويت سلمية فلم تخلو مظاهرة لهم من قطع الطرق و حرق اطارات السيارات و ترويع الآمنين . و المشهد الاسوء و المعتاد من قوى المعارضة الكارتونية فى وطنا العربى، و هو مشهد تحالف من يدعو الديمقراطية مع التيارات الرجعية المتطرفة، بجانب أستنكار تلك القوى المدنية الديمقراطية حبس " مسيلمة البراك "، و هو أمر متوقع من المراهقين سياسيا و أصحاب المصالح الضيقة .
أما المشهد الثانى لاشعال فوضى الخليج فجاء على حدود المملكة العربية السعودية مع اليمن، أى تجاة الجنوب على عكس المتوقع بعد أن صوب الجميع نظره تجاه الشمال و ما يحدث على الساحة العراقية، فقد قام ستة أفراد مسلحين منتمين لتنظيم القاعدة بأستهداف دورية أمنية بمنفذ الوديعة الحدودى مع اليمن، مما أدى الى أستشهاد 4 من رجال الامن السعودى، و كان خوارج هذا العصر يستهدفون من خلال تلك العملية توجيه ضربة قاسمة للامن السعودى و أحراجه أمام الاعلام و الرأى العام من خلال التسلل الى محافظة شرورة القريبة من منفذ الوديعة ثم تفخيخ مبنى مباحث شرورة و لكن فشلت العملية بعد تطويق المبنى من قبل قوات الامن، و اخلائه من المتواجدين بداخله و عمل حصار للارهابيين في الدور العلوي من المبنى مع اعطاء الفرصة لتسليم أنفسهم، و لكن قام الارهابيين بتفجير أنفسهم، و قد ضبط بحوزة الجناة 14 قنبلة يدوية، و 11 قنبلة مولوتوف وأربعة أسلحة رشاشة، و 26 مخزن طلقات للأسلحة الرشاشة و26 طلقة عيار تسعة مليمترات و 1549 طلقة للأسلحة الرشاشة .
و تلك العاصفة الفوضوية بتأكيد لم تستبعد أكثر دول الخليج أستهدافا الا و هى مملكة البحرين، لتصور لنا المشهد الفوضوى الثالث،فبعد سلسلة طويلة من حرب استنزاف شنها صبيان الحرس الثورى المندسين فى أئتلاف 14 فبراير و سرايا الاشطر ضد رجال الامن البحرينى، أستشهد مؤخرا أحد رجال ألامن بقرية العكر الشرقى بعميلة تفجير خسيسة، و هى ليست الاولى من نوعها، ففى الفترة الاخيرة أستشهد العديد من رجال الامن البحرينى بعمليات تفخيخ و زرع متفجرات . و كالعادة تتجاوز الولايات المتحدة الحدود بتدخلها السافر فى شؤون الدول الداخلية فبعد قيام " توم مالينوفسكى " مساعد وزير الخارجية الامريكية لشؤون الديمقراطية و حقوق الانسان و العمل بمقابله قوى سياسية بعينها دون أخرى أبرزها " الوفاق الوطنى الاسلامية " ( تنظيم سياسى اسلامى شيعى ) و أتباع نفس منهج السفيرة الامريكية بالقاهرة " أن باترسون " التى كادت أن تكون المرشد البديل لجماعة الاخوان المسلمون بالقاهرة من كثرة أجتماعاتها بقيادات الاخوان . فما قام به " توم مالينوفسكى " فى المنامة بعيد كل البعد عن الاعراف الدبلوماسية، و بات يعمل كمهنته الحقيقية كرجل مخابرات لـ CIA .
بالفعل يا أعزائى جماعة الاخوان المسلمون تلقيت الضوء الاخضر مدعومة من وكلاء مشروع الشرق الاوسط الجديد فى الاقليم، للتحرك لتنفيذ مخطط زعزعة الاستقرار الداخلى و أنهاك قوى الامن، فى الوقت الذى يتحرك فيه المتربصون بأمن خليجنا العربى على الحدود من كل أتجاه . و أذا كان وكلاء الفوضى بالاقليم حاضرين فى المشهد و لو بشكل غير مباشر فأدوات ذلك المخطط المتبعة سابقا متواجدة كما هى و على رأسها الاعلام القطرى فقناة الجزيرة وجدت مساحة أخرى لكى تبث ما بداخلها من سموم بل بدأئت جرائد قطر و مواقع التواصل الاجتماعى المحسوبة على التنظيم الدولى لجماعة الاخوان بنشر أكاذيب لا تمت للحقيقة بأى صلة، مثل الحديث عن أنقلاب يحدث ضد الملك " عبد الله بن عبد العزيز " حفظه الله، أو وفاة سمو الشيخ " خليفة بن زايد آل نهيان " اطال الله فى عمره، أو نشر أخبار مثل أعتقال قطريين فى أبو ظبى و تعذيبهم، و هو الخبر التى عملت جريدة العرب القطرية و مواقع الاخوان بالدوحة على نشره بلغات متعددة و الترويج له بخبث شديد، و أظهار الامارات العربية المتحدة على أنها جوانتانامو الشرق كما أدعت مواقع و صفحات أخوان الدوحة .
حقيقة الامر كل تلك المشاهد تم تصويرها من قبل فى تونس و ليبيا و اليمنو غيرها، و قد يتوهم الحاقدون فى الخارج و المغيبون فى الداخل أننا امام أولى مشاهد مسرحية فوضى الخليج الذى يتمنو سقوطه فى جعبة الربيع العبرى، و لكن حقيقة الامر أن القاهرة كتبت أخر مشاهد تلك المسرحية التأمرية و أسدل الستار عليها تماما، و لن يتم تكرار تصويرها مرة اخرى و لو كره المتآمرون، و الله غالب على امره.
فادى عيد
الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية