إنه قدر الفلسطينيين أن تكون الكثير من معاركهم مع العدو الصهيوني في شهر رمضان المعظم، وأن يتزامن الاعتداء الإسرائيلي الجديد على قطاع غزة مع الذكرى الحادية والأربعين لحرب العاشر رمضان المجيدة، التي كانت نصراً عربياً جماعياً، وهزيمةً إسرائيلية موجعة، ليكون ذلك بشارة خيرٍ لهم، ودلالة نصرٍ ينتظرهم، إذ ما دخل العرب والمسلمون حرباً في شهر رمضان، قديماً أو حديثاً، إلا كتب الله لهم النصر فيه، ومكنهم على أعدائهم، وأثلج صدورهم بنصرٍ من عنده، يتنزل عليهم عزةً وكرامة.
رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في شهر رمضان الأطول منذ ثلاثة عقود، والشديد القيظ والمرتفع الحرارة، في ظل الحصار الشديد والقاسي المفروض على قطاع غزة، والذي يحرمهم من نعم الحياة، ومن مستلزمات العيش البسيطة، ليس أقلها انقطاع التيار الكهربائي، ونقص الوقود والمواد الغذائية والأدوية وغيرها مما يلزم كل الناس، فضلاً عن حجز الرواتب، ومنع توزيعها على مستحقيها، الأمر الذي ضاعف من معاناة الغزيين في شهرهم الفضيل، وهو الذي تلزمه نفقاتٌ إضافية، واستعداداتٌ خاصة.
إلا أن العدو الصهيوني أبى إلا أن ينغص عليهم شهرهم الفضيل، وأن يحرمهم من متعة الاستمتاع بطقوسه، فكان عدوانه الغاشم، واعتداءه الظالم على قطاع غزة حرباً وقصفاً، وعلى الفلسطينيين عموماً في الضفة الغربية والقدس والأرض المحتلة عام 48، تضييقاً وملاحقة، واعتقالاً وقتلاً، إلا أنه في حقيقة أمره خائفٌ وجلٌ من هذا الشهر، وهو قلقٌ من عزم المسلمين فيه، وعظم صبرهم وشدة بلائهم، وتنافسهم على الجهاد والشهادة.
نسأل الله العلي القدير ونحن في عشر الرحمة، الفرج والعافية، وأن يكلأنا برعايته، وأن يحمينا بقدرته من بطش الكيان وغول اعتداءاته، وأن يجعل معركة الفلسطينيين مع عدوهم في شهر رمضان، كمعارك بدرٍ وحطين وعين جالوت وأكتوبر، فينصرهم على عدوهم رغم ضعفهم، ويأخذ بأيديهم رغم قلة سلاحهم، ويمكنهم منه على الرغم من قوته وسلاحه، ومن بغيه وغطرسته وكبريائه.
الأربعاء 3:25 الموافق 9/7/2014