تحاول الدوائر الغربية المهتمة بالملف اللبناني وبالتحديد الفاتيكان والولايات المتحدة الأميركية، ونظرًا لكمّ المطالبات والتمنيات التي تصلها بشكل يومي للدفع باتجاه حل الأزمة الرئاسية اللبنانية، أن تمارس نوعًا من الضغوط على أطراف قد تمون عليهم، لكنّهم حاليًا غير فاعلين بالملف، ما يؤدي لمراوحة ستفرض نفسها، وبحسب مصادر معنية، حتى مطلع العام المقبل.
وتشير مصادر مقربة من "حزب الله" إلى أنّ العقبات التي كانت تواجه الملف الرئاسي قبل شهر أيار الماضي كانت "عقبات قابلة للتخطي، إلا أنّها تحولت مؤخرا لعقبات أكبر وأكثر تعقيدا خصوصًا مع تراجع العلاقة الايرانية-السورية الى نقطة الصفر، وحتى الى ما دون الصفر، في ظل تفاقم الأزمة العراقية".
وتوضح المصادر أن امكانية حصول الاستحقاق الرئاسي ولو لم يكن في موعده، كانت قائمة في السابق، الا أنّها حاليا معدومة، وتشرح في هذا الاطار: "بالأمس كان البحث والمفاوضات قائمان بالرغم من صعوبة ايجاد حل، أما اليوم فالبحث بحد ذاته متوقف"، وهو ما ألمح اليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مؤخرا حين قال أننا في مرحلة بعنوان Wait and See.
وتعتبر مصادر معنية بالملف الرئاسي أن البحث بالملف راهنًا هو بمثابة "مضيعة للوقت"، مستغربة دعوات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المتتالية لبري لعقد جلسات يومية للبرلمان، قائلة: "هذه الدعوات منفصلة تماما عن الواقع".
وتجزم المصادر بأن لا انتخابات رئاسية كما لا انتخابات نيابية، لافتة الى ان تمديد ولاية المجلس النيابي مرة ثانية بات بحكم الحاصل.
ويبدو أن رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون سيكون أمام تحدٍّ جديد في الأيام القليلة المقبلة لا سيّما في حال توافق القوى السياسية مجتمعة ولو بشكل غير معلن على تمديد ثان لولاية البرلمان على غرار ما حصل قبل حوالي عام ونصف.
وتتساءل المصادر: "هل سيوقع وزراء عون على المرسوم الصادر عن مجلس النواب والذي يقضي بتمديد ولايته علما أنّه تم التوافق مؤخرا على تمرير كل القرارات بتوافق سياسي؟" وتشير الى أنّه حتى ولو امتنع وزراء عون عن التوقيع فالقانون يصبح نافذا تلقائيا بعد 30 يوما، لافتة الى انّه وبشكل عام فان التمديد الثاني لن يكون سهلا كما التمديد الأول.
بدورها، تتحدث مصادر مسيحية واسعة الاطلاع عن تنسيق فاتيكاني-أميركي بالملف اللبناني، مع اصرار دوائر الفاتيكان على وجوب اتمام الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت ممكن باعتبار أن الدور المسيحي في لبنان يبقى ضمانة للوجود المسيحي المشرقي.
وتشير المصادر الى ضغوط غير مباشرة يمارسها الفاتيكان على المرجعيات المسيحية بالدرجة الأولى خاصة مع اعلان باقي المرجعيات أنّها ستسير بمن يتوافق عليه المسيحيون.
سلسلة الازمات السياسية العاصفة بالبلد والمرشحة للتفاقم، يبدو أنّها ستبقى بعيدة حاليا عن مسار الملف الأمني الذي تؤكد مراجع معنية بأنّه "العنصر الوحيد المطمئن"، لافتة الى ان الهزات ستبقى قائمة من وقت الى آخر الا ان القرار السياسي بعدم شل يد الجيش سيظل ساريا وهو ما يترك متنفسا وحيدا واساسيا في البلد الذي تنهشه أزماته.
وتبقى الآمال معلقة على صحوة شعبية لمواجهة مشروع تآكل الدولة وخاصة للتصدي لتمديد ثان لمجلس النواب قد يتحول عرفا أو قاعدة، علما ان من مددوا لأنفسهم في حزيران الماضي لأسباب أمنية وحرصا على المصلحة العليا للبلد، عايشوا كما اللبنانيين مجتمعين أسوأ عام تمر به البلاد على المستوى الأمني. فلا شك أن الانتخابات النيابية المقبلة متى حصلت لن تكون السبب بمزيد من التفجيرات الانتحارية وهي أيضا لن تفتح الابواب والنوافذ لداعش ومثيلاتها المتغلغلين حتى في فنادقنا، بل ستؤسس، على أمل، لطبقة سياسية جديدة ينطلق منها مشروع الحل المنشود.