صمت عربي رسمي وشعبي مطبق يواكب الإعتداء الاسرائيلي على غزة وفيما تتصاعد حدة العدوان لم تصدر حتى الآن أي مواقف عربية أو شعبية منددة على الأقل , وباتت غزة وحدها في قلب المواجهة وبات الشعب الفلسطيني وقضيته من القضايا التاريخية الشكلية التي لم يعد لها مكان في اجندة الحكام العرب بل وحتى الشعوب العربية الغارقة اليوم في متابعة مهزلة المونديال وسخافة المسلسلات الرمضانية التي ملأت الشاشات العربية وطغت على الاهتمام بقضايا الأمة وشؤونها, فقد بدأ الجيش الاسرائيلي اعتداءاته العسكرية فجر اليوم ضد غزة أطلق عليها تسمية "الجرف الصامد". وأصيب 22 فلسطينيا في أكثر من 80 غارة شنتها الطائرات والزوارق البحرية والمدفعية الإسرائيلية على مناطق عدة في القطاع.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه مستعد لأن "تشمل العملية الجارية اقتحاما بريا لغزة". وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في تغريدة على حسابه الرسمي على "تويتر" بدء العملية العسكرية وقال "بدأ جيش الدفاع الإسرائيلي عملية "الجرف الصامد" في غزة ضد حماس لوقف الإرهاب الذي يتعرض له المواطنون الإسرائيليون بشكل يومي". جاء ذلك بعد أن استدعى الجيش الإسرائيلي قوات الاحتياط تحسبا للتصعيد المحتمل للعمليات العسكرية ضد "حماس".
وأشار الناطق باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي أدرعي الى أنه "من بين الأهداف التي تم قصفها 4 منازل لنشطاء حماس و18 موقعا استخدم لإطلاق الصواريخ و3 منشآت عسكرية و 10 أهداف للبنى التحتية"، لافتاً الى أن "قيادة الجيش الإسرائيلي أعدت عملية تتصاعد بصورة تدريجية وفقا للتطورات على الأرض". وأكد أن "حماس دخلت المعركة وهي في مأزق حقيقي وتهديدات الحركة تنطلق من هذه الحالة"، مضيفاً أن "الجيش الاسرائيلي يواصل حشد القوات البرية بمحاذاة قطاع غزة استعدادا لأن تشمل العملية اقتحاما بريا". وقال: "إذا أرادت حماس الهدوء فيجب أن تتوقف عن إطلاق الصواريخ فورًا"، لافتاً الى انه "إذا استمرت الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية المنطلقة من قطاع غزة فإن قوات الجيش ستوسع نطاق عملياتها".
من جهتها فإن فصائل المقاومة الفلسطينية استكملت استعداداتها، وأعلنت النفير العام في صفوف عناصرها، وأكدت أنها لن تصمت أمام هذا العدوان، وأنّ «قرار الرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اتخذ»، بينما توارت القيادات السياسية والعسكرية في «حماس» والفصائل الأخرى عن الأنظار ووسائل الإعلام.
ويقول القيادي في «حماس» يحيى موسى، إنّ ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والأراضي المحتلة في العام 1948، عدوان بمعنى الكلمة على شعبنا الفلسطيني، معتبرا أن «الحكومة الإسرائيلية لديها فراغ في علاقاتها الدولية في هذه المرحلة، وتريد الثأر من شعبنا ومحاولة إخضاعه من خلال استمرار الاعتداءات والانتهاكات».
ورأى موسى، في حديث إلى «السفير»، أن ما يحدث «يعبر عن الحالة العنجهية التي وصلت إليها حكومة الاحتلال»، لافتاً إلى أنّ الأوضاع في غزة قابلة للتصعيد وليس التهدئة، مؤكداً أنّ «هذه معركة مفتوحة مع الاحتلال، وشعبنا يريد الحرية، والاحتلال يتنكر لكل حقوقه».
وفي ظل توارد الحديث عن عدم قبول «حماس» بأي تهدئة مع الاحتلال إلا بشرط فك الحصار عن غزة، أكد موسى، النائب عن كتلة «التغيير والإصلاح» في المجلس التشريعي الفلسطيني، أنّ «هناك أطرافا كثيرة تتواصل من أجل التهدئة، لكن الاحتلال لم يلتزم بها بالمطلق، ويعتبر نفسه خارج أي تفاهمات، ما يعني أن التهدئة لا معنى لها في ظل هذه المعطيات».
ورأى الكاتب والمحلل السياسي وليد المدلل أنه يصعب الحديث عن تهدئة في الوقت الراهن، في ظل غياب شروطها، وغياب الراعي المصري، ووجود حكومة إسرائيلية متطرفة، ومع تزايد دعوات المسؤولين الإسرائيليين بقتل الفلسطينيين.
وشدد المدلل، لـ«السفير»، على أنه لا أفق لهذه التهدئة حالياً، معتبرا أن التصعيد الحالي سيكون تحت السيطرة وله سقف محدد «إلا إذا تطور الميدان، وساقتنا الأمور إلى الأكثر سوءا». وأشار إلى أن الفصائل الفلسطينية غير معنية بالتصعيد حاليا «لكنها لن تسكت على الاعتداءات الإسرائيلية، وسترد بحجم العدوان وقد يكون مفاجئا».
لكنّ المتحدث باسم حركة «الجهاد الإسلامي» داود شهاب أكد، لـ«السفير»، أنّ قرار الرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي قد اتخذ»، في وقت أعلنت «سرايا القدس» حالة النفير والتعبئة العامة في صفوف مقاتليها.
ويؤكد شهاب أن من بادر بالتصعيد هو إسرائيل، و«كفصائل وشعب فلسطيني لن نتحمل مسؤوليته، إذ أن ما نحن بصدده الآن نتاج للانتهاكات المستمرة بحق شعبنا في قطاع غزة». وشدّد على أنّ إسرائيل اتخذت قراراً بالتصعيد بعد اغتيال 11 فلسطينياً في قطاع غزة وفلسطين المحتلة، ونحن «لن نصمت على جرائمها».