لم يكن اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 2 يوليو \ تموز الحالي مع رجال الدبلوماسية الروسية في العالم عاديا وروتينيا بل حاول استغلال هذا الاجتماع التقليد لتوجيه رسالة للعالم والشعب الروسي والتي تدل على ازمة روسيا ومعاناتها من خلال الحصار لاقتصادي والسياسي التي تتعرض له من الغرب بعد الازمة الاوكرانية التي حاولت روسيا حلها بطريقتها الخاصة ، فالرسالة التي حاول توجهها الرئيس في هذا الاجتماع تعتمد على التشدد مع الولايات المتحدة والتمسك بملفات تعتبر روسيا تمسك بها ، وقد يضن البعض للوهلة بان روسيا ذاهب الى حرب باردة جدية بعد هذا الخطاب و تحاول تشكيل جبهة او معسكر جديد هي نواته مع بعض الدولة التي تعاني من ازمات مع المجتمع الدولي من خلال محور جديد تحاول ترأسه .
وبالرغم من الرسالة السريعة وغير المطولة في هذا اللقاء الذي اعلانها الرئيس يوتين محددا فيها عدة نقاط اهمها :
1- لقد اعلن الرئيس فلاديمير بوتين ومجلس الامن القومي الروسي عن انتهاء عالم القطبية الواحدة التي كانت تسيطر عليها امريكا ،
2- شعوب ودول ترسم النظام العالمي الجديد،و تعلن لنفسها الحق في تقرير مصيرها بنفسها من خلال السعي للحفاظ على هويتها الوطنية والقومية والثقافية محافظة من الهجمة الغربية ، لقد فشلت بعض الدول من السيطرة على مقدرتها العسكرية والعسكرية والطبيعية .
3- التوجه الى انشاء حلف سياسي واقتصادي وعسكري مع الصين لمواجهة الولايات المتحدة وأصدقائها الغربيين.
4- الازمة الاوكرانية و حربها اهلية ، صورة تبق الاصل لما يحدث في ليبيا وسورية والعراق ، وهذا ما يجعل روسيا ان تبقى في تشدد مع هذه الملفات الاقليمية التي تشكل لروسيا مناطق نفوذ جيو-سياسية .
5- اتهام واشنطن مباشرة بالضغط على باريس من اجل تعطيل صفقة البوارج الحربية امسترال،فالرئيس بوتين الذي يشير الى ان سياسة الولايات المتحدة تستخدم الابتزاز والترهيب .
تكمن السياسة الروسية التي يعتمدها الرئيس بوتين مع الولايات المتحدة على التشدد والصراع المفتوح المباشر ،وبحسب رأي المحللين السياسيين والخبراء بالعلاقات الروسية – الامريكية ان موسكو تمارس سياسة الهجوم للتوصل الى حوار وحل فعلي في اوكرانيا يضمن لها الشراكة بعد ان فشلت في ابقائها في فك نفوذها بعد تعرض سياستها الحالية لمواجهة شرسة من قبل الاوكرانيين المدعومين من الغرب ولتشدد امريكي تمثل بالعقوبات الاقتصادية المتتالية ،والى التمدد الامريكي الاني والعسكري نحو دول البحر الاسود" رومانيا، بلغاريا، اوكرانيا، جورجيا ودول البلطيق ، التي شكلت لروسيا حصارا فعليا وتقلصت حركتها واخفق حلمها في الوصول الى المياه الدافئة .
لكن الرئيس بوتين ترك الباب مفتوحا في رسالته الذي ترك فيها تسأل مشروع كيف يمكن التحرك على الساحة الدولية بهذا الشكل التي تعاني من العلاقات الدولية من ازمة فعلية .
فالتوجه السياسي الذي بدأ ينتهجه الرئيس بوتين يدل عن ازمة فعلية تعاني منها سياسة موسكو بظل تغير جيوسياسي تفرضه طبيعة الارض والري يكون اللعب هو من يتحكم بها ، فالحليف السوري لروسيا يعاني من ازمة فعلية بسبب التغيير الذي قد تفرضه اللعبة ،يحاول الرئيس بوتين دعم دكتاتوريات نور المالكي حليف امريكا وإيران ربما يحاول اعدة نفوذ روسيا الى العراق بعد خروجها بقوة الاحتلال الامريكي ،مرة جديدة يقف بوجه العرب السنة ويتحالف مع شيعة ايران بالوقت الذي تعمل ايران على ارساء تفاهم مع امريكا بدعم من رئيسها براك حسين اوباما ، فالروسي الذي يستنزف ويغرق في اوكرانيا في عقر داره يحس بالألم والجوع لعدم الوضوح في استراتيجية قادمة لدولة تحاول ان تلعب دورا رياديا في الحلبة الدولية ،فالروس الذين يتخوفون البعبع السني خوفا من الدخول الى بيتهم المتصدع مرة جديدة يزودون الرئيس المالكي من خلال صفقة سلاح تم ابتزاز المالكي فيها ولكن الطيارين الروس هم يقدون هذه الطيارات وليس الاوكران واو السورين او الايراني كما كانت موسكو تحاول الابتعاد عن الواجهة لكن العراق اصر على الروس .
فاذا كان الوحل العراقي غير المتوقع افزع روسيا واجبرها على دعم دكتاتور ايران فكيف ستعمل روسيا بعد عام عندما يغادر الغرب افغانستان وتترك لحركة طالبان فكيف سيتعامل الروس بهذا الغضب السني الناقم على تصرفات روسيا ودعمها للدكتاتوريات العربية ـ
فهل التقارب الروسي – السعودي قد يكون قد فتح نافذة في تهدئة الاوضاع وإعادة الثقة المفقودة بين موسكو والرياض وخاصة بعد زيارة سعود الفيصل الاخيرة الى روسيا في 3 يوليو \حزيران ، ماذا قدم الفيصل لروسيا في "سوتشي الروسية "وماذا قدمت موسكو للرياض في زيارة لا فروق الاخيرة للرياض في 21 يونيو\حزيران الماضي، من اجل تهدات روع موسكو من البعبع السني الذي اضحى ينتشر كالفطر في الغابات .
يبقى السؤال الاساسي في جعبة موسكو وصقور الكريملين الذين يضعون سياسة بلدهم القادمة فالروس الذين يطلبون الحوار في اوكرانيا ويتشددون في سياستهم لحل الملف الاوكراني فماذا يقدم الروس من بدائل ،فالمشكلة بان الروسي يريد الاخذ دون تقديم البدائل في ملفات اخرى .
د.خالد ممدوح العزي .
كاتب وباحث اعلامي مختص بالشؤون الروسية دول اوروبا الشرقية .